يطرح انشقاق مجموعة الإصلاحيين عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان تساؤلات كثيرة حول مستقبل الحزب في ظل المشكلات والتباغض بينه وبين كثير من مكونات البلاد السياسية والفكرية. ورغم إعلان الحزب عدم تأثره بالمنشقين الذين يمثلون ركائز فكرية أساسية، فإن ما يراه المتابعون يقول عكس ذلك. وفيما لم يعرف عدد المنشقين حتى الآن، فإن ثقل مكانة قادة الانشقاق وتأثيرهم داخل الحزب، كالمستشار غازي صلاح الدين والوزير حسن عثمان رزق وعضو البرلمان فضل الله محمد عبد الله، وعضو مجلس قيادة ثورة الإنقاذ السابق العميد صلاح الدين كرار وقائد انقلاب العام الماضي العميد محمد ود إبراهيم، سيكون كبيرا برأي متابعين. ويعتقد عضو الأمانة السياسية بحزب المؤتمر الوطني الحاكم عبد الله خضر أن حزبه لن يتأثر بالانشقاقات مهما كثرت "لأنه حزب متماسك وقائم على المبادئ والرؤى الإسلامية". توقيت سيئ وقال خضر للجزيرة نت إن المؤتمر الوطني "ليس حزبا ضعيفا تؤثر فيه انشقاقات بعض منسوبيه مهما علا شأنهم"، ودعا المنشقين إلى مراجعة موقفهم وطرح أفكارهم داخل مؤسسات الحزب، معتبرا أن الوقت غير مناسب لهذا التصرف. ومع إعلان المنشقين عن وجود تيارات أخرى داخل الحزب تحمل ذات الأفكار الإصلاحية، فرضت الاتهامات التي وجهها المنشقون لقادة حزبهم الحاكم مزيدا من التكهنات عن المرحلة المقبلة للطرفين معا. فمستشار السلام السابق غازي صلاح الدين يقول إن هناك جماعات داخل المؤتمر الوطني "قررت ألا يكون هناك مجال للإصلاح"، معتبرا أن مشروع الإصلاح "مات وانقضى". ولا يستبعد في حديثه للصحفيين تعرض المنشقين للمضايقات "كما تعرض لها من سبقونا في معارضتهم للنظام"، مشيرا إلى عدم وجود حرية حقيقية في السودان "بل هي للعرض أمام الإعلام فقط"، حسب قوله. وتعرض الحزب الحاكم لانشقاق سابق في نهاية العام 1999، قسَّم الحركة الإسلامية إلى تيارين حاكم ومعارض. وقاد الشيخ حسن الترابي حينها تيار المعارضة تحت راية حزب أطلق عليه المؤتمر الشعبي، بينما تمسك الذين فضلوا البقاء في السلطة باسم المؤتمر الوطني الذي لا يزال يسيطر على مقاليد السلطة في البلاد. ولم يكتمل بعد انشقاق مجموعات أخرى من "المجاهدين" و"الدبابين" وبعض شباب الحركة الإسلامية تحت مسمى "السائحون" الذين يقودون تيارا إصلاحيا آخر داخل الحزب. قاعدة قوية ويرى المحلل السياسي محمد علي سعيد أنه رغم عدم وجود قاعدة قوية للمنشقين داخل الحزب الحاكم، سيكون تأثيرهم ملحوظا على المدى البعيد "لكشفهم لعدد من القضايا التي كانت خافية على الأحزاب الأخرى". ولا يستبعد في تصريحات للجزيرة نت إمكانية انحسار الجانب الفكري في الحزب الحاكم بانشقاق مجموعة تمثل ركيزته الأساسية فكريا في مقابل تيارات أخرى ترتبط بمصالح سياسية واقتصادية معينة. ويتوقع سعيد تشبثا أكبر للذين يمسكون بالسلطة حاليا، مشيرا إلى أنهم سيجتهدون للتقليل من قيمة المنشقين وغيرهم من التيارات الأخرى. أما المحامي عبد الله محمد أحمد فيرى أن انشقاق مجموعة الإصلاحيين "نتيجة حتمية لواقع يعيشه الحزب الحاكم"، لافتا إلى حجم الاتهامات التي وجهت له. ويقول للجزيرة نت إن المؤتمر الوطني متهم بالمساهمة في كل مشكلات البلاد الاقتصادية والسياسية والأمنية، "وبالتالي فإنه سيعاني انشقاقات قبلية وجهوية بعد الانشقاق الفكري الذي ضربه مرتين متتاليتين". المصدر: الجزيرة نت 28/10/2013م