قبلت الحكومة السودانية – مبدئياً – توصيات لجنة الحكماء الأفارقة التي ترأسها الرئيس الجنوب أفريقي السابق تامبو أمبكي. توصيات لجنة الحكماء وقعت في حوالي (148) صفحة تضمنت عدداً من الأمور الايجابية التي تتوافق مع رؤى الحكومة السودانية، منها علي سبيل المثال ضرورة حل الأزمة في دارفور عن طريق التفاوض، وإجبار الحركات الدارفورية المسلحة على الركون التفاوض، وان كل حركة مسلحة ترفض التفاوض تعتبر حركة إرهابية، ينبقي التعامل مع وأطروحاتها وتصرفاتها من هذا المنطلق. كما أشارت التوصيات إلى ضرورة قيام الانتخابات العامة في موعدها بما في ذلك شمول إقليم دارفور لها استناداً إلى تقرير رسمي صادر عن البعثة الأممية الإفريقية المشتركة في دارفور )اليوناميد) يفيد باستتباب الأمن في دارفور وانتهاء الصراع. غير أن التوصيات أشارت في شأن الجرائم المرتكبة بسبب الصراع إلى ضرورة عقد لجان للحقيقة والمصالحة، وفي ذات الوقت إنشاء ما أسمته التوصيات بمحاكم مختلطة أو هجين يعهد إليها التحقيق والمحاكمة في جرائم حرب دارفور، تتضمن قضاة سودانيين وأفارقة وأجانب يعملون ضمن إطار النظام القضائي السوداني، وهذه التوصية أنشأت لها الحكومة السودانية لجنة خاصة لدراستها برئاسة نائب الرئيس السوداني لكونها توصية تتعلق بالسيادة القضائية والعدلية للسودان، وتتنافي مع دستور السودان وقانون السلطة القضائية السودانية مما يقتضي إفراد مساحة لمناقشتها باستفاضة لصياغة رأي حكومي مجدد بشأنها بعد استيفاء ملاحظات قالت الحكومة السودانية أنها ضرورية لحسم قضية المحاكم المختلطة هذه. ولعل من المهم والمفيد هنا أن نشير إلى أن الحكومة السودانية تتأني في إظهار موقفها وإعلانه بشان هذه المحاكم المختلفة، لكون أن تقرير لجنة الحكماء كما أشرنا تضمن أموراً ايجابية وأخرى سالبة، كما أن الحكماء الأفارقة بحسب ما هو معروف هم من داخل البيت الأفريقي وليس من الحصافة في شئ المسارعة برفض تقريرهم إذ أن من حق الحكومة السودانية دراسة الأمر، والخروج بملاحظات يمكن الرجوع بها على اللجنة فاللجنة لم تشير إلى أن الدستور السوداني يقبل أنشاء محاكم كهذه، كما أن للنظام الأساسي للاتحاد الإفريقي لم يعرف هذا النظام القضائي المختلط وإلا لما انضمت عدد من الدول الإفريقية إلى ميثاق روما فقد كان يكفيها أن تكتفي بمحاكم الهجين الإفريقية هذه. وهكذا فان الأمر يبدو موضوعياً ومعقولاً، اذ أن الحكومة السودانية تود إدارة حوار هادف وبناء وفي هدوء تام مع لجنة الحكماء ومجلس السلم الإفريقي بحيث يتم التوصل إلى صيغة معقولة ومقبولة يتم التواضع عليها!!