اختفت قضية أبيي من الخريطة السياسية السودانية والجنوبية منذ انفصال الجنوب وتكوينه دولة حدودية في عام 2011م، حيث صار أمرها معلقاً باتفاقية نيفاشا وفقاً لآليات محددة يتم من خلالها تكوين مفوضية الاستفتاء التي لم يكترث لها الدينكا وقاموا به من طرف واحد في السابع والعشرين من أكتوبر الماضي، حيث نصت اتفاقية نيفاشا على تكوين ادارة مشتركة ومعها المجلس التشريعي وقوة السلطة، والتمهيد لتكوين مفوضية الاستفتاء بمشاركة الشركاء واهمها الطرفان المسيرية ودينكا نقوك، مما دعا الاتحاد الإفريقي وحكومة السودان وحتى حكومة الجنوب لرفض الاستفتاء رفضاً قاطعاً، كما تناولت ذلك الوسائط الإعلامية رغم تصريحات الناطق الرسمي لحكومة الجنوب بأن الاستفتاء صار أمراً واقعاً واعترفت به حكومة الجنوب ضمنياً. ورغم أن الحكومة وصفته بأنه لا قيمة له، إلا أنها ربما قامت بدعم الاستفتاء كما ذهب الى ذلك الأستاذ الطيب مصطفى، وإلا من أين لدينكا نقوك هذه الأموال لإقامة استفتاء لما يقارب السبعين ألفاً، وربما تعاملت مع الحكومة بفرض سياسة الأمر الواقع، بل ربما حتى مع المجتمع الدولي والاتحاد الإفريقي الذي لم يستطع الوقوف على الحقائق على الأرض بالشكل المطلوب نتيجة أعمال العنف التي صاحبت زيارة وفده الأسبوع الماضي. وعن الدور الذي يجب على الحكومة القيام به حفاظاً على حقوق المسيرية والسودان بأكمله من التغول الاجنبي على الأراضي السودانية، أفادنا السفير إبراهيم الشيخ مدير إدارة الجنوب بوزارة الخارجية، بأن الحكومة ملتزمة بتحقيق مهمة مجلس السلم والأمن الإفريقي الذي زار المنطقة في الخامس من الشهر الحالي، وأن الحكومة قدمت لهم كل التسهيلات للوقوف على الأوضاع بالمنطقة. وفي ما يختص بتخوف المسيرية من أن تتخلى الحكومة عنهم في ساعة الصفر، قال الشيخ إن الحكومة لن تتخلى عنهم، بل قامت بتحرك عاجل وواسع لمنع شرعية هذا الاستفتاء الاحادي من طرف واحد لخطورته على المواطنين بل حتى على جنود اليونسفا، واعتبر الشيخ وهو يرد على تعليق «الإنتباهة» أن هذ مجرد تنظير وليس هناك مجال للتنظير في هذه القضية التي ربما قامت دينكا نقوك بحسمها تقريباً لصالحها. واعتبر ما تقوم به الحكومة أطراً عملية، وأن أي استفتاء أحادي من قبل المسيرية مشابه لما قام به الدينكا تعتبره أحادياً بلا قيمة وسيكون مصيره كاستفتاء نقوك، وبالتالي فإن الحكومة تراعي الآليات المنصوص عليها، وكان تحرك الحكومة السريع نتيجته رفض المجتمع الدولي بما فيه الاتحاد الاوروبي والاتحاد الإفريقي ودول آسيوية صديقة الاستفتاء، وحتى حكومة الجنوب نفسها رفضته بغض النظر عما يقال من أن وزير الإعلام بالجنوب قال وقال، فالاعتراف لا بد أن يكون رسمياً وصريحاً وبشكله المعروف الذي ينبني عليه تقييم وأفعال وردود أفعال، وأضاف أن الاتفاقية لم تترك شيئاً، وأن ما اختلف حوله وتعقد يعود البت فيه للرئيسين مع استصحاب أهل المنطقة من الجانبين، وهذا ما يحدث الآن. وفي ما يتعلق بقضية أبيي وما صاحبها من التعامل الجاف الذي تعاملت به الحكومة مع المبعوث الأمريكي الذي كان حضوره قبل الاستفتاء بشهر واحد، وهل كان لذلك أي مردود على تجديد العقوبات الأمريكية التي تم تجديدها أخيراً، نفى أن يكون لذلك اي مردود، وأن الشروط الأمريكية في هذا الجانب مرحَّلة من قضية الجنوب لقضية دارفور وغيرها من القضايا، وقال إن هذه القضية تحل بالحوار الثنائي لا بالتدخل في قضايا داخلية أمرها محسوم سلفاً ببنوده المعروفة وإجراءاته المذكورة دون إلغاء دور الاتحاد الإفريقي ودون التجاوز لما تم في القضية. ورفض الشيخ ما وصفناه بالعلاقات المتأزمة بين البلدين، وقال إنه في إطار التأزم والتوتر فإنه لا يتم عقد اتفاقيات ولا تكوين لجان مشتركة كما يحدث بين السودان والجنوب هذه الأيام. لكن رغم كل ما تذكره الحكومة والوسطاء وحكومة الجنوب من أن الاستفتاء لا قيمة له فإن هناك تساؤلاً بريئاً جداً: ألا يمكن أن يكون طرد دينق ألور ومجموعته من حكومة الجنوب نوعاً من التمثيل واللعب على المجتمع الدولي لتحقيق رغبة حكومة الجنوب بعيداً عنها؟ نقلا عن صحيفة الانتباهة السودانية 19/11/2013م