اجرى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الاثنين، تعديلا حكوميا غداة الهزيمة القاسية التي مني بها اليمين في الانتخابات الاقليمية، في مسعى الى تجميع صفوف حزبه خلال ما تبقى من ولايته. وظل رئيس الوزراء فرانسوا فيون الذي يحظى بشعبية على رأس الحكومة التي سيتعين عليه ان يعدل استراتيجيتها من دون المساس بالتوجه الاصلاحي. لكن ساركوزي استغنى عن وزير العمل كزافييه داركو، احد اركان فريقه، بعد ان خسر بفارق كبير امام مرشح اليسار في اكيتان - جنوب غرب (28 في المئة من الاصوات مقابل 56 في المئة) وبات في موقع ضعيف للتفاوض في شأن تعديل لا يحظى بشعبية في نظام رواتب التقاعد. ويكرس التعديل الوزاري انضمام ممثلين من اليمين من خارج الموالين لساركوزي الى الحكومة وتجميد الانفتاح على اليسار، كما طلب زعماء الغالبية النيابية. وهكذا حل وزير الميزانية اريك فيرت المخلص لساركوزي محل وزير العمل والشؤون الاجتماعية. وعين في حقيية المالية النائب فرانسوا باروان احد المخلصين للرئيس السابق جاك شيراك. كما ضم ساركوزي الى الحكومة احد المقربين من خصمه اليميني اللدود دومينيك دوفيلبان. وهكذا كلف النائب جورج ترون حقيبة الوظيفة العامة ليشكل ذلك دليلا على رغبة الرئيس الفرنسي بتشكيل حكومة تضم مختلف اطياف اليمين. وحافظ معظم الوزراء الاساسيين على حقائبهم فبقي برنار كوشنير في الخارجية وكريستين لاغارد في الاقتصاد وبريس اورتوفو وميشيل اليو-ماري في الداخلية والعدل تباعا. ووصف المسؤول الثاني في الحزب الاشتراكي هارلم ديزير، التعديل الوزراي بانه «تجميلي». وقال ان رد ساركوزي على «الهزيمة التاريخية» لليمين «لا تنسجم بتاتا مع تطلعات» الناخبين الذين يريدون «تغييرا في التوجه السياسي والاجتماعي. واكدت الدورة الانتخابية الثانية بوضوح نتائج الدورة الاولى التي شهدت تراجع حزب ساركوزي حيث حصل اليسار على 54 في المئة من الاصوات متقدما في شكل كبير على اليمين الذي نال 35.4 في المئة، وفق النتائج الاخيرة. وتقدمت الجبهة الوطنية، الحزب اليميني المتطرف، الى 18 في المئة في 12 منطقة انتخابية. وامس، واجه ساركوزي، الغضب الشعبي خلال يوم من الاضرابات والتظاهرات التي دعا اليها عدد من النقابات احتجاجا على سياسته الاجتماعية والاقتصادية. ويزداد الاستياء لدى فئة من اليمين الحاكم التي تطالب باعادة النظر في الاولويات خلال القسم الثاني من الولاية الرئاسية والتخلي عن بعض الاصلاحات التي اسيء فهمها لدى قاعدة ناخبي الاكثرية. واظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه الاثنين، ان غالبية ملحوظة (58 في المئة) لا ترغب في ان يترشح ساركوزي للانتخابات الرئاسية المقبلة في 2012. وعلى العكس، عبر 33 في المئة من الاشخاص الذين شملهم الاستطلاع عن رغبتهم في ان يترشح ساركوزي لولاية جديدة، فيما ايد ذلك 75 في المئة من مناصري الحزب الرئاسي الاتحاد من اجل حركة شعبية، كما اضاف الاستطلاع الذي اجرته مؤسسة «ايبسوس» لمجلة «لوبوان». وبدأت اصوات تعلو داخل الغالبية حول صوابية ترشيح ساركوزي في 2012 بعد ما اكدت الدورة الثانية للانتخابات الاقليمية الاحد فوزا واضحا لليسار في اخر اقتراع قبل الاستحقاق الرئاسي المقبل. في سياق اخر، توعد ساركوزي بشن حملة «مكافحة من دون هوادة» و»استئصال كل قواعد منظمة ايتا في فرنسا الواحدة تلو الاخرى»، اثناء مراسم دفن شرطي قتله فريق كوماندوس مفترض من المنظمة الانفصالية الباسكية. واعلن ساركوزي والى جانبه رئيس وزراء اسبانيا خوسيه لويس ثاباتيرو، امس، «سنستأصل قواعد ايتا الواحدة تلو الاخرى في فرنسا. سنطاردهم واحدا واحدا وسنفكك كل دعائم هذه المنظمة الارهابية». وحذر من ان «فرنسا لن تدع نفسها تخاف من الارهاب» و»لن تتساهل البتة» حيال الذين «يسيئون» الى قوات الامن. وكان الرئيس الفرنسي يتحدث اثناء مراسم دفن الشرطي جان سيرج نيران (52 عاما) في ميلون (الضاحية الباريسية) الذي قتل بالرصاص قرب باريس الاسبوع الماضي اثناء تبادل اطلاق نار نسب الى فريق كوماندوس تابع للمنظمة الباسكية. وهي المرة الاولى في غضون اكثر من 40 عاما من العمل المسلح، تعتبر فيها «ايتا» مسؤولة عن مقتل عنصر في قوى الامن الفرنسية. المصدر: الرأى العام الكويتية 24/3/2010