علاقات تاريخية وطيدة ربطت ما بين المعارضة السودانية، ولكن ظلت المعارضة ومنذ اندلاع المعارك في الجنوب يسودها شئ من الحذر الواجب في الوقت الراهن والانزواء بآرائها بعيداً دون أن تبين ميولها الي احد الأطراف، والموقف الذي سجله الميرغني كان عبارة عن دعوة قدمها لأطراف النزاع بالاحتكام الي صوت العقل الأمر الذي وصفه الخبراء بأنه هو الرأي الأنسب في الوقت الراهن، ولم يستبعد محللون سياسيون أن يظل موقف المعارضة ما بين الحياد التام أو الدعاوي الي المصالحات، خاصة وأن المعارضة لا تملك القدرة علي إدارة دفة الحوار بين الأطراف في الجنوب، ولا تملك أي نفوذ يجعلها قادرة علي الدعوة الي الحوار، هذا يجعلها لا تتعدي موقف الحياد أو المتابعة الخجولة. في حين ابان رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل محمد عثمان الميرغني موقفاً واضحاً حيال الأحداث في دولة الجنوب عندما اتجه الي التوسط بين أطراف النزاع في دولة جنوب السودان التي تشهد نزاعاً حاداً علي خلفية محاولة انقلاب فاشلة، وكان زعيم الاتحاديين محمد عثمان الميرغني قد قرر إرسال وفد من حزبه الي جوبا للقاء الرئيس الجنوب سوداني سلفاكير ميارديت ونائبه السابق دكتور رياك مشار. وقال الناطق الرسمي باسم الحزب الاتحادي الديمقراطي ابراهيم الميرغني، في تصريح صحفي أمس الأول، أن الميرغني قرر إرسال وفد الي دولة جنوب السودان للقاء أطراف النزاع وتقديم مبادرة لحل النزاع وحث الأطراف في الجنوب علي انتهاج الوسائل السلمية والحوار لحل خلافاتهم. ودعا الميرغني الي أعمال الحكمة وإعلاء صوت الوطن والعقل، وتشير مصادر الي أن الميرغني قد يتوجه الي جوبا في حال نجاح المبادرة. وفي حديثه "للصحافة" يقول المحلل السياسي البروفيسور حسن علي الساعوري، بأن هنالك علاقات سابقة للمعارضة السودانية مع الحركة الشعبية بين فصيل لام أكول أو رياك مشار أو فصيل سلفاكير، كما أن هناك علاقات للحزب الشيوعي السوداني مع باقان أموم، وعلاقة للحزب الاتحادي الديمقراطي مع سلفاكير، وهنالك علاقات قديمة تربط الحركة الشعبية مع كل أحزاب المعارضة، ولكن المعارضة غير قادرة علي إدارة دفة الحوار ما بين سلفاكير ورياك مشار. وأضاف الساعوري أن المعارضة علي الرغم من علاقاتها القديمة مع الحركة الشعبية في دولة الجنوب، إلا أن هذه العلاقات غير فاعلة في إطار إقناع طرفي النزاع وغير مؤثرة الي الدرجة التي تقودها الي الإقناع تبني طاولات الحوار وذلك لعدم امتلاكها أدوات إقناع للمتنازعين وهذا حتما يحتاج الي طرف ثالث، في حين نجد بأن المعارضة لا تملك أي نفوذ يجعلها قادرة علي الدعوة الي الحوار، في حين أن الحكومة قادرة علي القيام بهذا الدور خاصة وأنها تربطها علاقات اقتصادية واتفاقية الثمانية واتفاقية اديس أبابا وهذا كله من شأنه أن يلزم الجنوب علي الاستمرار في إنجاح هذا الاتفاقيات، والحكومة لها نفوذ قوي علي الطرفين يمكنها من دعوتهم الي الاحتكام الي صوت العقل. وليس بعيداً مما ذهب إليه الساعوري تحدث المحلل السياسي البروفيسور صلاح الدين عبد الرحمن الدومة، أن موقف المعارضة السودانية بخصوص أحداث الجنوب لن يتعدي موقف الحياد. وأضاف في حديثه "للصحافة" أمس أن أحزاب المعارضة في الوقت الراهن من الأفضل لها أتباع منهج الانتظار الي حين انقشاع الغبار عن أزمة دولة الجنوب الراهنة قبل الميول الي أي جهة دون الأخرى، ودون الميول الي طرف دون الآخر قبل انتهاء المعارك. ويقول الدومة أن هذه المرحلة حتي وأن دخلت فيها المعارضة فلن تتعدي سوي المناداة والدعوة الي الحوار والمناشدات والمطالبة بالجلوس الي طاولات الحوار وإحكام صوت العقل ووقف الحرب، وهذا ما حدث فعلاً من الحزب الاتحادي، عندما تبني الميرغني القيام بخطة إصلاحية كانت الخطوة التي اتخذها ترمي الي مبادرة وساطة بين الطرفين، وفي الوقت الراهن نجد بان هذا الرأي قد يكون مقبولاً في كل الحالات سواء كانت بالنسبة لمجموعة رياك مشار أو لمجموعة سلفاكير، وقد يحسب له اجتهاده وبالفعل بدأ بعض المجهودات في هذا الصدد، ويضيف المحلل السياسي صلاح الدومة أن الموقف الحالي للميرغني قد تتبناه أحزاب المعارضة الأخرى أو تتجه الي الركون الي موقف الحياد الي أن تنجلي الأمور عن انتصار احد الطرفين علي الآخر وبيان من هو المنتصر، ومن ثم تبدي رأياً صريحاً بعدها حول الأحداث. نقلا عن صحيفة الصحافة السودانية 24/12/2013م