في تطورات الأوضاع بدولة جنوب السودان.. كل شئ وارد محاولات بدء الحوار بين وفد الحكومة الجنوبية ووفد المنشق رياك تجري علي قدم وساق، بينما تستمر الاشتباكات العسكرية علي أرض الجنوب، مما يشي بصعوبة تحقيق تقدم سريع علي مائدة التفاوض في أديس أبابا، الأمر الذي يستدعي استمرار جهود الوساطة التي تقودها هيئة الإيقاد. هناك أكثر من جهة تتأهب للتدخل في أحداث دولة الجنوب، وبعضها قد تدخل بالفعل، وهي تدخلات محفوفة بمخاطر زيادة اشتعال النيران في الدولة الوليدة لكونها تصدر عن منطلقات محاطة بالشكوك وشبهات الانحياز لأحد طرفي النزاع. حتي الآن، فإن وساطة الإيقاد هي الأكثر تجسيداً لروح الوفاق التي أرساها الاتحاد الأفريقي وكل جهد يبذل خارج إطار ثوابت الاتحاد الأفريقي من شأنه أن يعرقل مسار إعادة السلام ونزع فتيل التوتر. وساطة الإيقاد تقوم علي ركيزتين هما الالتزام باحترام الشرعية الدستورية وما يسفر عنها من نظام للحكم، وإدارة حول بين الفرقاء دون قيد أو شرط وصلاً الي تسوية سلمية للأوضاع. في غضون ذلك، انتهجت جهات إقليمية ودولية مساراً مغايراً عن طريق التدخل العسكري وغير العسكري لنصرة طرف علي الطرف الآخر. بصرف النظر عن مآلات الصراع فإن تدخل هذه الجهات سيكون له آثاره المستقبلية السالبة في مجريات الأمور بالإقليم. هنا لابد أن نثمن الموقف الرسمي الذي اتخذه السودان تجاه الأحداث. التزم السودان الرسمي بالمبدأ الثابت الذي أقره الاتحاد الأفريقي وهو الاحترام للشرعية والتعامل مع المؤسسات الناتجة عنها، وفي ذلك تطبيق إيجابي لمبدأ عدم التدخل في الشأن الداخلي للدول الأخرى. لكن السودان مع ذلك، لم يرفع يده عن جهود الوساطة بين طرفي الصراع، مادامت هذه الجهود تبذل في إطار مبادرة الإيقاد. هناك أصوات ارتفعت في الساحة السياسية السودانية تدعو لتحريك وساطة شعبية قوامها قيادات الأحزاب، ومع نبل المقصد إلا أننا نري ضرورة توحيد التعامل السوداني مع أحداث الجنوب بحيث تتكامل المساعي الرسمية والشعبية، إذ لا مجال – في هذا الشأن – للتنافس والتمايز السياسي، ولعل قوانا السياسية ترتفع، في التعامل مع أزمة الجنوب، الي المستوي المأمول من التوجه القومي الوفاقي. اختارت الدبلوماسية السودانية أن تؤطر حركتها داخل حركة هيئة الإيقاد وهو اختيار حكيم ندعو الي التمسك به حتي آخر أشواط الوساطة، مع الاستمرار في تقديم العون الإنساني للمتضررين من مواطني جنوب السودان الذين شردتهم المعارك. من المنتظر أن تستقبل الخرطوم مبعوثين من دولة الجنوب.. فلتفعل ذلك في إطار التزامها بما أقرته هيئة الإيقاد من أسس للوساطة بين فرقاء الجنوب. نقلا عن صحيفة الخرطوم 6/1/2014م