مستقبل الأوضاع في دولة جنوب السودان يعتمد، بشكل أساسي، علي نتيجة السباق الذي انطلق بالفعل بين مسار الوساطة الأفريقية التي تستند علي جلوس الفرقاء في الدولة الوليدة حول طاولة الحوار المؤدي الي توافق وطني، وبين المسار الأممي الذي ظهرت بوادره في قرار مجلس الأمن بتعزيز القوات العسكرية الدولية في دولة الجنوب وفي إعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية اعتزامها اتخاذ خطوات إضافية ذات طابع عسكري تتدخل عبرها في مجريات الأحداث المتصاعدة. خياران لتجاوز الأزمة الجنوبية، أما الحوار الوطني أو الوصاية الخارجية. فرصة الحوار مازالت مواتية بعد أن أفصح طرفاً النزاع عن موافقتهما علي السير في طريقه، لكنها موافقة مشوبة بعاشق رئيسي هو استمرار المعارك بين الفريقين في أكثر من موقع. فإذا نجحت الوساطة الأفريقية في حمل الحكومة والقوات المنشقة علي التهدئة والوقوف الكامل لإطلاق النار، فمن الوارد حينها إيجاد نقاط التقاء بين الجانبين يكون محورها الاعتراف بالشرعية مع إعادة اقتسام السلطة عن طريق الاحتكام للشعب الجنوبي وفق الضوابط الدستورية. الوساطة الأفريقية مؤهلة لقيادة سفينة الحوار الي بر الوفاق لأنها الأكثر دراية بطبيعة الصراع، ولأنها تتبني أجندة لفرض واقع بعينه علي الحكم في دولة الجنوب عدا انطلاقها من المبدأ الذي أرسته أدبيات الاتحاد الأفريقي بعدم الاعتراف بأي انقلاب عسكري علي سلطة منتخبة. الوساطة ما زالت محصورة في نطاق هيئة الإيقاد، وإذا بدأ الحوار فمن الممكن توسيع نطاقها وترفيعها لتستظل برعاية الاتحاد الأفريقي بكامله. في المقابل، تتأهب أكثر من جهة خارجية للتدخل في الشأن الجنوبي.. مجلس الأمن يتجه الي تعزيز القوات الأممية المرابطة في الجنوب، والولاياتالمتحدة، والوجه الآخر لمجلس الأمن، أعلنت عن نيتها تكثيف وجودها في جنوب السودان بدعوي إجلاء رعاياها وحماية المدنيين. ومن الواضح أن هذه التدخلات المعلنة تستبطن فرض شكل من إشكال الوصاية علي دولة الجنوب، كما تستبطن، في جانبها الأمريكي، مزاحمة النفوذ الاقتصادي الصيني في الإقليم الأفريقي وقطع الطريق أمام استفحاله. المعضلة التي تواجه جهود تسوية الصراع الجنوبي، هي أن الحل الأفريقي القائم علي الحوار قد يحتاج أيضاً الي قوة علي الأرض.. وهذه القوة لا يتيسر أعدادها إلا بواسطة المنظمة الدولية وسيدتها الأولي الولاياتالمتحدةالأمريكية. مهما يكن الأمر، فإن الأسلم لمستقبل دولة جنوب السودان أن يظل عنوان التسوية أفريقيا في ملامحه وفي أهدافه، وان يتم تحجيم التدخل من خارج القارة في حده الأدنى. وفي النهاية فان إطار التسوية ستحدد معالمه الاتصالات الجارية الآن للشروع العملي في الحوار. نقلا عن صحيفة الخرطوم 26/12/2013م