ارتباك يتسيد مشهد الخرطوم أعقاب إعلان حركة العدل والمساواة الموقعة على الدوحة مؤخراً تعليق عمل لجانها لتنفيذ الاتفاق مع الحكومة، متهمة ممثلي الحكومة بتعمد التباطؤ في إنزال الاتفاق وتنفيذه على أرض الواقع، مؤكدة على لسان ناطقها الرسمي الصادق يوسف بحسب تقارير إعلامية، أن خياراتها مفتوحة على الأصعدة كافة، واصفاً مكتب سلام دارفور بأنه ليس في مستوي تفاؤل وحماس الحركة، وقطع بان ذلك، الطريق لن يوصل الحركة والحكومة إلى أهدافهما الموقعة، الأمر الذي أعتبره كثيرون إعادة للتوتر والتوقف في سيرة الملف بفعل نكوص الحكومة كلما استشعرت عدم تكافؤ التوقيع مع إحدى الحركات وبين الأوضاع في الميدان الدارفوري ولخصتها تقارير أممية أمس في عبارة : (الوضع في دارفور مرشح للفوضى). ونقل ايرف لادسو مسؤول عمليات حفظ السلام في تقريره لمجلس الأمن، أن عملية السلام في الإقليم تتقدم ببطء شديد وان الأوضاع ساءت كثيراً، وان ثلث سكان دارفور يعيشون على المساعدات الدولية، ليزيد الطين بلة تزامن إعلان الحركة مع التقرير ألأممي، إضافة لزيارة رئيسة لجنة العقوبات بمجلس الأمن الدولي، ليثار تساؤل حول مستقبل العملية السلمية في دارفور.. ومستقبل الاتفاق بين الحركات والحكومة؟ السوابق التاريخية للعملية السلمية في الخرطوم ككل، لم تتسيدها دارفور إلا مؤخراً بعد العام 2006م بتوقيع ما يعرف باتفاق أبوجا، واحتكر مشهد اتفاقات السلام السوداني جنوب السودان قبيل انفصاله في يوليو 2011م، وبرزت محطة اتفاقية أديس أبابا 1973 بين النميري والأنانيا والتي انهارت في 1983م، تبعتها محاولات الجلوس المتكررة والبائسة في حصيلتها فبرز اتفاق ميرغني قرنق 16 نوفمبر 1988م، مروراً بمحاولة الإنقاذ في بواكيرها بمحمد الامين خليفة ثم علي الحاج فبرزت فرانكفورت وسلسلة ال(أبوجات) مروراً بافتاق الخرطوم للسلام مع مجموعة الناصر الأم أكول ورياك مشار قبيل أن تنهار في بدايات الطريق إلى مسشاكوس وملحقاته بطولة غازي صلاح الدين ثم علي عثمان في محطة نيفاشا 2005م التي وضعت نقاط الختام (مؤقتاً) في سيناريو الأزمة السودانية بين الشمال والجنوب.. دارفور حينئذ برزت في المشهد كبديل (حربي) ناجح للجنوب عام 2003م بضربة مطار الفاشر التي دشنت العمل العسكري الدارفوري ضد الخرطوم، تقطعها محاولات لتوقيع اتفاقات سلام لا تلبث أن تنهار أو ينسحب أطرافها، فكانت أبوجا مع مني أركو مناوي في 2005م بمثابة ضربة البداية، تبعتهم حركة تحرير السودان جناح السلام بقيادة مادبو في أديس أبابا 2006م، ولحقت بها تحرير السودان جناح الإرادة الحرة بقيادة بروفيسور عبد الرحمن موسي وعلي مجوك المؤمن في القاهرة 2006م، ثم حركة العدل والمساواة بقيادة هشام نورين في 2007م، قبل ان تنضم تحرير السودان بقيام أبو القاسم إمام في طرابلس 2007م، ثم حركة العدل والمساواة قطاع كردفان بقيادة الرزيقي (عبد الرحمن الصافي) في الميرم 2008م، لتلحق بها تحرير السودان جناح الوحدة بقيادة عثمان البشري في القاهرة 2010م، ثم تحرير السودان القيادة العامة بقيادة شوقار في أديس أبابا، 2010م ثم التحرير والعدالة بقيادة د. التجاني سيسي بالدوحة 2011م، ثم تحرير السودان السافنا بقيادة عبد الله أزرق في 2012م/ وأخيراً العدل والمساواة بقيادة دبجو في 2013م. وبرغم الكم الهائل من توقيع اتفاقات سلام بين الخرطوم والحركات المسلحة، إلا أن الواقع يقول بوقوف العملية السلمية في عقبة ما يعرف بالحركات الثلاث الكبرى (حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور، وحركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، وتحرير السودان مناوي)، ليتم ترحيل السلام إلى (حساب معلق) في انتظار إكمال الخرطوم ما بدأته بمحاولة إقناع الحركات الثلاث بالعودة إلى حضن الوطن، وهو الأمر الذي نشطت فيه الآونة الأخيرة بحسب رصد (الرأي العام) للجنة الاتصالات بالحركات المسلحة برئاسة صديق ودعة، وآلية أم جرس برئاسة وزير العدل محمد بشارة دوسة، واستبقتهم في ذلك لجنة توحيد الفصائل الدارفورية بقيادة الفريق إبراهيم سليمان.. معوقات العملية السلمية في دارفور ترتبط لدي المتهمين والناشطين الدارفوريين بعدم الالتزام الحكومي، إضافة إلى أن تجارب الحركات التي سبق ووقعت غير مشجعة بفعل قدرات النظام الأمنية على الاختراق ومن ثم خلق انشقاقات داخلها، وبحسب مسؤول سابق بمكتب الاتصال الخارجي لحركة عبد الواحد بأنجمينا ل(الرأي العام) فإن المخاطر الأمنية متوقعة للحركات خوصاً وان الاتصالات بين الموقعين وغير الموقعين متواصلة، وكشف عن اتصالات اللحظات الأخيرة بين جناح مناوي عقب توقيع أبوجا وبين رفاقهم في بقية الحركات، وأنهم طلبوا منهم الذهاب إلى الخرطوم تطبيقاً للاتفاقية، وطالبوهم بترك الأسلحة الثقيلة في الميدان وتسليم الأسلحة الخفيفة، فإذا سار الأمر على ما يرام وصدقت الحكومة يلحقون بهم، وإذا حدث العكس فإن الأسلحة موجودة .. وهو ما يكشف عن غياب الثقة المتبادل برغم الاتفاقات التي تكون مشهودة من المجتمع الدولي أو الإقليمي .. في المقابل تعتبر الحكومة أن أكبر معوق للعملية السلمية بدارفور هو تعدد قنوات الحركات وتشظيها ما يجعل عمليات التفاوض لا نهائية، إضافة إلى أن حدوث عمليات سلام يرتبط بتوحيد أجندة الحركات، وتعلق فشل حدوث تهدئة عسكرية إلى الصراعات الدامية بين الفصائل، بجانب وجود متفلتين بين الحركات.. نقلاً عن صحيفة الرأي العام السودانية 26/1/2014م