ستخطي الحركة وستخسر كثيراً، إذا تبنت رأي أحزاب المعارضة وصارت ملكية أكثر من الملك في حال تعبيرها عن مواقف هذه الأحزاب وحاولت أن تطرح في اجتماع الرئاسة المنتظر انعقاده اليوم، ونادت بتأجيل الانتخابات وفق المبررات الواهية والأسباب التي تقولها ما تسمي بأحزاب مؤتمر جوبا. ما ستخسره الحركة، أنه في حال تأجيل الانتخابات أو المناداة بذلك فان ما يترتب على هذا الإجراء هو عدم إقامة وإجراء الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان .. ولن يحقق الحلم لبعض الجنوبيين ومن بينهم قيادات الحركة في قيام دولة في جنوب السودان مستقلة عن الشمال.. ولذلك فان المخرج الوحيد للحركة الشعبية من المأزق الذي دخلت فيه مع أحزاب المعارضة هو القفز من كبهم الغارق واختيار الدرب الآخر المفضي نحو الانتخابات، لضمان قيام الاستفتاء وتحديد ما اذا كان المواطن الجنوبي سيختار الوحدة الكاذبة أو الانفصال النهائي ونيل الاستحقاق الذي أعطته له اتفاقية نيفاشا.. فالاستفتاء يجب أن تقوم به وتنفذه حكومة منتخبة من الشعب، كما قالت الاتفاقية التي ربطته بالانتخابات المحدد لها في نص الاتفاق العام الرابع، فلن يحلم أحد في الجنوب بالاستفتاء اذا لم تقم الانتخابات وذلك من قواطع النصوص النيفاشية ومن لوازم تنفيذ الاتفاقية!! في ذات الاتجاه يجب على أحزاب جوبا وخاصة الأحزاب الضالة في المعارضة، أن لا ترهن كل مواقفها بما يصدر عن الحركة الشعبية، فهذه الأخيرة باعتهم بثمن بخس على الرصيف بعد تظاهرة ديسمبر الماضي، استخدمتهم ثم اتفقت مع حليفها المؤتمر الوطني حول قانون الاستفتاء والمشورة الشعبية لجنوب كردفان والنيل الأزرق وانسلت من بينهم كما الأفعى تتمشي فوق الصعيد بحذاقة الأراقم! ومن عجب، أن أحزاب المعارضة أبانت في موقفها من الانتخابات غباء سياسياً مفرطاً، وظهرت نفسها للناس بأنها لا تستطيع فعل شيء الا اذا مهدت لها الحركة ذلك، ووفد الحركة الذي اجتمع معها مؤخراً لم يعطيها ما تطمئن اليه من تعهدات، وتركت الأمور على حالها والشراع مفتوحاً حتى تهب عليه رياح ما يتمخض من اجتماع مؤسسة الرئاسة اليوم! لو كانت هذه الأحزاب واثقة من قوة تأثيرها وجماهيريتها وقدرتها على تحريك الحياة السياسية، لما احتاجت أن تجلس في دكة الانتظار تترقب وتتلفت، لتري ماذا ستأتي به الأقدار وأبصارها معلقة بالقصر الرئاسي أو بيت الضيافة حيث تنعقد جلسة اجتماع الرئاسة الثلاثي..!! الشعب السوداني لا يمكن أن يحترم هذه الممارسة السياسية الباهتة السمجة، فالمواقف لا تبني هكذا، ولا تعلق على التناقضات الفجة، فإما أن تحدد هذه الأحزاب بقوة منذ البداية هل هي مع الانتخابات أم ضدها بالمقاطعة وتبني رأيها على حجج قوية ومقنعة، فلا يعقل أن جملة ما أثارته من شكوك في المفوضية والانتخابات ونزهتها يمكن أن يحل بضربة واحدة من مؤسسة الرئاسة اليوم، والرئاسة لن تجتمع اليوم من أجل مذكرة المعارضة ولا يحزنون فلديها شؤون وأمور أهم بكثير من ذلك، فعلي المعارضة أن لا تتعلق بخيوط الوهم، وعلى الحركة أن لا تحلم بالاستفتاء اذا ركبت موجة المعارضة وطالبت بتأجيل الانتخابات..! نقلاً عن صحيفة الانتباهة 30/3/2010م