الرئيس الجنوب أفريقي السابق ثامبو أمبيكي يحتاج بصراحة شديدة لإعادة النظر في منهج وساطته الذي يدير به ملف مفاوضات أديس أبابا. وصحيح أن لي رأياً إيجابياً في الرجل ولكن في الآونة الأخيرة بدأت أحس وكأنما صار يتعاطي مع مهتمة الحالية بقدر غير مريح من اللامبالاة والتلكؤ، بما يفتح الباب لظنون أن مهمته في الأصل جزء من عوائد من فوائد بعد الخدمة، للرؤساء الذين ينتهي بهم المطاف إلى مبعوثين وممثلين للمنظمة الدولية في مناطق النزاع ومنابر حلها. وضح جلياً وبشواهد عديدة أن الوساطة الحالية لا تملك سلطة الإقناع أو الجبر على أطراف التفاوض خاصة متمردي (قطاع الشمال). وأرب أمثلة ذلك تنصل المتمردين وإنكارهم للاتفاق الثلاثي حول الشؤون الإنسانية الموقع مع الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، وبالضرورة الآلية الرفيعة برئاسة ثامبو أمبيكي والذي لم يحرك ساكناً، والجولة الماضية يبصق فيها ياسر عرمان على الاتفاقية ويقول إن لا شاناً له بها ولم تصدر الوساطة في الحد الأدنى (إدانة) لهذا الموقف بل لزمت الصمت! أمر آخر يستدعي التوقف وهو ظهور مبارك الفاضل المهدي في مفاوضات محددة سلفاً بين طرفين سميا بموجب قرارات من مجلس الأمن ليحضر إلى المقر في العاصمة الإثيوبية، ويجلس إلى الوسيط المحترم ويقدم تصوراته وشرحه. ولو ان المقابلة تمت في غير هذا الظرف المكاني والجغرافي لكانت مفهومة، ولكن أن تجري وتنعقد على هامش الجولة فذاك ما كان يستوجب الاعتراض الحكومي الفظ والشديد. ولكن (مين يسمع) والراجح لو أن المهدي جلس إلى جوار وفد المتمردين لما اعترض أحد من وفدنا الذي لا أدري كيف تفوت عليه مسألة مثل هذه حتى يسكت عليها لتتكرر غداً، ونجد من متمردي دارفور والجبهة الوطنية العريضة وكل من هب ودب في صالات التفاوض ليتسع الفتق على الراتق. هذه وساطة بلا وزن أو قيمة ويجب إن رغبت الحكومة في سلام مرتب وآليات قادرة أن تراجع تشكيلها، فأغلب العضوية فيها إنما هم موظفون مقربون من" أمبيكي" وربما كانوا من سابق سكرتاريته ومستشاريه. وهي ليست مثل وساطة "نيفاشا" التي ضمت شخصيات فاعلة ودولاً ذات وزن على اختلاف الناس حول المحصلة التي أفضت إليها جهودهم. وحتي قضية الفرقاء الجنوبيين تدار الآن بوسطاء أصحاب شخصيات من سيوم مسفن إلى الفريق "الدابي" وبمتابعة لصيقة لأكثر من جهة، من النرويج إلى الولاياتالمتحدة فيما تظل مفاوضاتنا مع (قطاع الشمال) مهنة من لا مهنه له. ولهذا من الطبيعي أن يأتي ياسر عرمان في كل ساعة بموقف جديد ورأي مغاير، وربما تتم مشاورته من جانب الوساطة في شكل الورقة التي تقدم أو المقترح المناسب لتعقيد الأزمة عوضاً عن حلها، من خلال تلميحات بشأن حل شامل ورقابة دولية على حوار سوداني بالداخل تتم الدعوة الآن لنقله للخارج أيضاً على أن يرأس "أمبيكي" نفسه وعياله الملف. نقلاً عن صحيفة المجهر السياسي 2014/2/2م