لماذا كلما انطلقت مفاوضات أو مباحثات في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، تتناقل وسائل الإعلام خبر قدوم ثلاثي قطاع الشمال بالحركة الشعبية «عقار والحلو وعرمان» إلى مقر التفاوض، وتنقل أخباراً عن وجودهم في أروقة المفاوضات، وتنظم لهم اجتماعات مع الوسيط الإفريقي، رئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى، ثامبو أمبيكي؟؟ هل وجودهم في كل جولة بمبادرة منهم، أم تتم دعوتهم من قبل الوساطة الإفريقية؟ إذا كان تسجيل الحضور على جناح السرعة مع أول صافرة لانطلاق تفاوض وتباحث بين الخرطوموجوبا، محاولة من قيادات قطاع الشمال إقحام أنفسهم في المفاوضات الثنائية والبحث عن مواطئ قدم لهم.. حتى لا تفوتهم السوانح والفرص وحتى يضمنوا أن وفد دولة الجنوب لن يبيعهم على الرصيف، فهذا في حد ذاته مؤشر سياسي على أنهم يتامى يبحثون لهم عن كفيل وإعانة وعناية .! أما إذا كانت الوساطة هي التي تدعوهم وتصرُّ على حضورهم وتلحُّ على الحكومة أن تجلس معهم، فهذا يعني أن الوساطة متعاطفة معهم وتسعى لإدراجهم في التسوية السياسية التي تتم بين السودان ودولة جنوب السودان، وتعمل على تدويل التوترات في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وجعل هذا الثلاثي واقعاً موجوداً لابد من التعامل معه، وتضعهم على واجهة الأحداث وتنفخ فيهم الروح وتوقظهم من مراقد النسيان .!! الغريب أن قدوم هذا الثلاثي «عقار والحلو وعرمان» إلى أديس وظهورهم في دهاليز التفاوض الذي يجرى في إطار اللجنة السياسية الأمنية المشتركة، لا يأتي في سياق بحث قضيتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، فهاتان القضيتان لهما لجنة ووفد خاص بقيادة الدكتور كمال عبيد، وليس من اختصاص اللجنة السياسية الأمنية المشتركة بحث ملف قطاع الشمال إلا في إطار تنفيذ الترتيبات الأمنية التي تم التوقيع على اتفاقية خاصة بها في 27 سبتمبر الماضي في أديس أبابا، وهي ترتيبات تتعلق بالتزام حكومة دولة الجنوب بفك الارتباط مع قطاع الشمال والفرقتين التاسعة والعاشرة من الجيش الشعبي. فحتى إذا كانت هناك دالة تربط وجود قيادات قطاع الشمال بالتدابير والمباحثات بشأن إنفاذ الترتيبات والالتزامات من قبل حكومة الجنوب، فمكان تواجدهم ليس أديس أبابا إنما في جوبا أو أي مكان آخر، فحكومة الجنوب وحدها هي التي تحدد الكيفية التي تنهي بها وعلى الفور علاقتها بهم وتعلن للملأ وتلتزم في الاجتماعات المشتركة بوجود الوسيط الإفريقي أنها أنهت هذه العلاقة وحسمتها، وتقوم بعد ذلك فرق التحقق المشتركة أو المراقبين بالتأكد من صحة ما تقول وما أعلنت الالتزام به، فليس هناك مبرر يسمح بوجود هذا الثلاثي في مفاوضات تجرى بين حكومة السودان ودولة الجنوب حول كيفية تطبيق اتفاق التعاون المشترك في شقه الأمني. أما إذا كانت الوساطة الإفريقية تسعى لإقناع الخرطوم بالأمر الواقع وتستقدم قيادات قطاع الشمال دون التشاور مع حكومة السودان أو الحصول على موافقتها، فإنها بهذا التصرُّف تفقد الأهلية كوسيط نزيه، وتعتبر وساطة منحازة ومتحيزة ومتواطئة، كما نقول دائماً، ولا يجدر بنا التعامل معها إن كانت تمارس هذه الممارسة غير النزيهة ..!وغير خافٍ على أحد أن حشر هذا الثلاثي المتمرد في الجولات التفاوضية ومحاولة جعله جزءاً منها يتم دون مراعاة لنقطة أساسية مهمة وهي غياب أي ضغوط على قطاع الشمال في الحركة الشعبية بوقف حربه المجنونة في جنوب كردفان والنيل الأزرق والتنسيق مع حركات دارفور في إطار ما يسمى بالجبهة الثورية، وتتغافل لجنة أمبيكي عن ذلك وتتعامل مع قيادات التمرد هذه على مظنة أن لها قضية سياسية لابد من حلها عبر التفاوض. --- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.