تحركت بعد أن بلغت روائح جثث قتلي المعارك في جوبا مشارف لندن، وسمع عمدة واشنطن ونييورك أصوات قذائف المعارك التي تدور في ملكال، حينها شعرت المملكة المتحدة بالحرج ودفعت بمبعوثها لكي يداري سوءات لندنوواشنطن في اتفاق نيفاشا الذي أورد شعب الجنوب موارد الهلاك. الإلمام بخبايا الصراع تيم موريس مبعوث بريطانيا الخاص لجنوب السودان، وصل الخرطوم قبل يومين في مهمة رسمية بعثته إليها بلاده لمعرفة دور الخرطوم الإيجابي في النزاع وجاء مورس يستجدي من خلالها الحكومة لكي تلعب دوراً إيجابياً في عملية فض النزاع الدائر بين أصحاب الأمس أعداء اليوم سلفا ومشار. ولذا فضل الهبوط في العاصمة الخرطوم قبل أن يتوجه إلي مقابلة أصحاب الشأن في جوبا وأديس أبابا. إذا كانت الخرطوم هي وحدها التي تعرف خبايا الصراع بين سلفاكير ومشار وهي الأقرب الي المساعدة في ذلك فإن بريطانيا هي الأدري بجذور النزاع الكلي بين الشمال والجنوب منذ حقبة الاستعمار في سياسات فرق تسد. قد لا تعترف بريطانيا بمسؤوليتها المباشرة ولكنها قد تعبر عن ذلك بطريقة خجولة ومحاولات بائسة لكي ترفع عن نفسها الحرج. العديد من الخبراء يرون أن جذور الصراع الدائر في جنوب السودان يعود إلي قصر الفترة التي انفصل فيها الجنوب عن الشمال خاصة أن (الطبخ السياسي)، في الجنوب كان في حاجة إلي مزيد من النار، ولكن تعطش الجنوبيين للاستقلال عجل بنزول الطبخ قبل النضج. رهان علي الخرطوم البعض يتساءل عما إذا كان روجر وينتر ما يزال مستشاراً لحكومة الجنوب خاصة أن الرجل بمساعدة هيلدا جونسون والمبعوث البريطاني مورس هم من ساعدوا الجنوبيين في اتفاق نيفاشا، وهم من قاموا بدور الشيف الحاذق الذي أنجز الطبخة المسبوكة، وقرار التصويت للانفصال بنسبة (100%) وإلا فلما جاءت نتيجته بنسبة أكثر من (99%). علي كل حال فإن بريطانيا عبر مبعوثها مورس أبدت حسن الظن في أن تلعب الحكومة في الخرطوم دوراً إيجابياً علي الأقل من خلال عدم تغذية الصراع والمساعدة علي تهيئة الأجواء بوقف العدائيات لسلامة جولة المفاوضات المقبلة. وبما أن مورس لم يكن متفائلاً بنجاح التفاوض في القريب العاجل إلا أنه يعول كثيراً في هذا التوقيت علي عاملي وقف العدائيات واستمرار العملية السياسية، وأشار مورس في تنوير صحفي عقده بالسفارة البريطانية أمس إلي جانب السفير بيتر تيبر أن بلاده تنظر للخرطوم علي أنها الأجدر بفهم طبيعة الصراع في الجنوب مستنداً في ذلك إلي العلاقات التاريخية والروابط التاريخية والاجتماعية بين الشعبين. الممكن والمستحيل وبما أن الحكومة في الخرطوم لم تخيب ظن الرجل بعد أن وافقت علي طلبه إلا أنه يأمل في دور أكبر من سائر دولة الجوار في إشارة إلي يوغندا وكينيا وإثيوبيا. وقال موريس إننا لمسنا رغبة جادة من الحكومة في مساعدة شعب الجنوب علي تحقيق الأمن والاستقرار ونقل أن مساعد رئيس الجمهورية بروفسير إبراهيم غندور الذي التقاه أمس أكد له فعل الممكن والمستحيل من أجل استقرار الجنوب الذي يرتبط لحد كبير باستقرار الشمال. أما بيتر تيبر السفير البريطاني في الخرطوم فقطع هو الآخر علي نفسه توفير الدعم اللازم لحكومة السودان وذلك لمجابهة الحاجة الإنسانية للاجئين الجنوبيين العالقين في الحدود. وقال تيبر للصحفيين في المكان نفسه، كلنا أمل في أن تساعد الخرطومجوبا في الخروج من محنتها، مشيراً أن دور الخرطوم سيكون مكملاً لإيقاد. ولم ينس تيبر الحديث في تنويره دور الترويكا في هذا النزاع ومجهودات بلاده في لم شمل الأطراف، واتصالاتهم بسلفا كير ومشار، وخروقات الأممالمتحدة في جوبا ومرتكبي جرائم ضحايا العنف في بداية الأحداث، قبل أن يختتم حديثه بقلق بالغ إزاء استمرار المعارك إلي جانب التفاوض. عقبات ومتاريس علي كل فإن حديث مورس عن أهمية دور الخرطوم الإيجابي في النزاع لم يأت من فراغ وإنما عن مخاوف ظلت تبديها الأطراف نفسها من ضلوع الخرطوم في هذه الأزمة، خاصة أن وزير الدفاع الجنوبي الذي يزور الخرطوم بدعم رياك مشار في حربه ضد الجنوب. وما يؤكد ذلك أن الشمال والجنوب اتفقا أمس عقب مباحثات علي تفعيل الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين وهذا قد يكون مربط الفرس في زيارة الوزير مايكل مانيانج للخرطوم هذه الأيام. واتفق ماينيانج ووزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين علي إزالة العقبات التي حالت دون تطبيق تسع من الاتفاقيات التي تبقت من نيفاشا، وبما أن زيارة وزير دفاع الجنوب والمبعوث البريطاني ذاته تهدفان إلي أن الجميع يسعي للاطمئنان إلي تحييد أي جهة عن تغذية الصراع قبل أن تتنزل عليهم بركات السماء باتفاق سياسي جديد. نقلا عن صحيفة الصيحة 20/3/2014م