بقلم:فريق أول ركن / حسن يحيي محمد أحمد المفاجأة من أهم مبادئ الحرب وتحقيقها يضمن النصر في ميادين القتال المختلفة، قوات صيف العبور المشهورة حققت المفاجأة عن طريق المناورة الإستراتيجية حيث تم تجنيد وتدريب القوات بالشمال، وتم نقلها للعمل بالمسرح الجنوبي. قوات صيف العبور حققت تصراً كبيراً وقلبت موازين القوة بالمنطقة وحولت قوات الجيش الشعبي الي جيوب متفرقة كلاجئين بدول الجوار. النصر الساحق الذي حققته قوات صيف العبور عكسته تصريحات البروفيسور ياري وانجي احد قادة الحركة الشعبية بقوله "كانت طموحاتنا تحرير الرجل الأسود من أفريقيا إلي جزر البحر الكاريبي وما بينهما، ولكننا فوجئنا بقوة عظمي تملك المال والرجال". هذا النصر الكبير أضاعه السياسيون الذين كانوا يتعجلون لتحقيق كسب سياسي سريع لو تواصلت عمليات صيف العبور كانت ستجنبنا عقد اتفاقية نيفاشا الكارثة. عمليات الصيف الجارية حالياً شكلت قوات الدعم السريع المفاجأة في هذه الي موقع آخر داخل مسرح العمليات. قوات الدعم السريع تفوقت علي قوات صيف العبور في خفة الحركة وقوة النيران واستخدام أساليب وتكتيكات قوات التمرد ومعرفتها التامة بالأرض هذا بالإضافة إلي عدم تمسكها بالمواقع التي تقوم بتحريرها، كما أنها لم تتعرض للتجزئة كما حدث بالنسبة لعمليات صيف العبور التكتيك الجديد وخطط العمليات غير التقليدية والنمطية واستخدام أسلوب الهجوم الجبهي أدخل الخوف الرعب والذعر في نفوس قوات التمرد ففرت هاربة أمام قوات الدعم السريع، انسحاب حركات التمرد من المناطق التي دخلتها قوات الدعم السريع يعني ذلك أن هذه القوات لم يتم تدميرها تدميراً كاملاً، وهذا يؤكد عودتها لمواصلة القتال مرة أخري. أحداث دارفور الأخيرة برهنت علي أن انفتاح القوات في مجموعات صغيرة غير مجد لأنه يساعد علي سرعة اكتساحها مما يقود لرفع الروح المعنوية لحركات التمرد وإعطائها حجماً أكبر من حجمها الحقيقي. انفتاح القوات وتمسكها بالأرض يبني علي الحالة التي عليها قوات التمرد فإن كانت قوات التمرد تقوم بتجميع وحشد قواتها لتخوض حرباً نظامية فإن ذلك يدعونا إلي تجميع قواتنا المنعزلة في قوة لا يقل حجمها عن مجموعة لواء مدعم للتمسك ببعض المواقع التكتيكية والحيوية قوات الدعم السريع يمكن تصنيفها كقوة واجب معين (task force) وهذا يتطلب جحفلتها بالصورة التي تمكنها من إنجاز الواجبات المكلفة بها في أقصر وقت ممكن قوات الدعم السريع لو أحسن استخدامها فإنها ستحقق الهدف السياسي المعلن لعمليات هذا الصيف قوات الانتشار السريع تستخدمها كل جيوش العالم، حيث يستخدمها الجيش الإسرائيلي والجيش الأمريكي، وهذا يعني أنها ليست ببدعة سودانية حتي تثار حولها الشبهات والاتهامات الأميركية التي ترمي لتشويه سمعتها وأضعاف معنوياتها لأن امركيا تدرك أن هذه القوات ستفقدها آليتها التي تعتمد عليها في التدخل في بلادنا. دولة الجنوب التي صنعتها أمريكا طلبت من يوغندا دعمها عسكرياً وقام الجيش اليوغندي بإعمال ضد الإنسانية وارتكب جرائم حرب في جوبا وبور ولم تحرك أمريكا ساكناً، فلماذا هجومها علي قوات الدعم السريع وهي قوات نظامية سودانية؟! قوات الدعم السريع قوات مشاة عادية لا تملك أسلحة عنقودية ولا تملك طائرات أباتشي ولا تلمك ناقلات جنوب مدرعة وتستخدم عربات لاندكروزر عادية وهي ليست بعربات قتال لأنها عربات خفيفة لا تصلح للعمليات الحربية. إن تحرير المناطق التي احتلتها حركات التمرد مؤخراً بدارفور لا يعني تدمير قوات العدو التي انسحبت من تلك المواقع وهذا يدعونا للقول بأن الإعلان عن قرب نهاية مهمة قوات الدعم السريع بدارفور إعلان متعجل لأن عمليات الصيف لم تكتمل مهمتها بعد حيث ما زال قوات التمرد تسيطر علي منطقة هيبان وكاودا وأم دورين والبرام بجنوب كردفان وتسيطر علي منطقة يابوس وشالي وقفة وودكة بجنوب النيل الأزرق هذا بالإضافة لوجود بعض قوات التمرد بدارفور. أخشي أن يكون هذا الإعلان المتعجل ناجماً عن الدور السالب للإعلام الذي ركز نشاطه علي قوات الدفاع الشعبي في إفشال حرب الاستنزاف المفروضة علي بلادنا فلسفة لجأت لها الدولة وحولت عن طريقها مفهوم الدفاع عن الوطن إلي هم شعبي يشارك فيه الشعب السوداني بكل فصائله وانتماءاته وقبائله. نجاح هذه الفلسفة عكسته تصريحات البروفيسور ياري وانجي التي تمت الإشارة لها أعلاه كما عكسه فشل عمليات شد الأطراف المشهورة التي خططت لها الولاياتالمتحدةالأمريكية جيداً، وأشركت فيها معظم دول الجوار وعند انطلاقة تلك العمليات قالت الإدارة الأميركية لأحزاب المعارضة: ( استعدوا الآن للعودة لتحكموا بلادكم). عندما أفشل صمود القوات المسلحة وثبات قوات الأجهزة الأمنية وقوات الدفاع الشعبي عمليات شد الأطراف لجأت الولاياتالمتحدةالأمريكية لعقد اتفاقيات السلام المشبوهة كاتفاقية نيفاشا الكارثة التي شكلت النواة الأولي لتقسيم السودان. هذه الفلسفة التي انتهجتها الدولة في الدفاع عن الوطن برهنت للعالم أجمع وللولايات المتحدةالأمريكية بصفة خاصة بأنه لا يمكن لها أن تهزم أمة مجاهدة وجيشاً ليس معزولاً عن شعبه. خلاصة القول: بالرغم من قصر تجربة قوات الدعم السريع إلا أنها قد حققت نجاحاً عسكرياً كبيراً في زمن قياسي. النجاح الذي حققته هذه التجربة يتطلب دعمها وتطويرها عن طريق استخدام ناقلات الجنود المدرعة واستخدام طائرات الهل المدرعة وأجهزة الاتصال السريعة والمضمونة.