ما حدث أمس الأول من تهديد مباشر وإشهار مسدس في وجه القيادي البارز في الحزب الاتحادي الأصل الدكتور علي السيد من قبل الحارس الشخصي للناطق باسم الحزب إبراهيم الميرغني، وإن اعتبرت ظاهرة نادرة إن لم تكن الأولى في الساحة السياسية في السودان، إلا أنها تعتبر الأولى من حيث الطريقة التي تم بها التهديد لقيادي في قامة الدكتور علي السيد، وربما توضح وجهاً آخر لعلاقة آل الميرغني بقيادات الحزب والتي أظهرت مدى الاحتقان الظاهر والعلاقة الفاترة بينهم، فالسيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب كان له رأي مخالف في تولي الميرغني منصب الناطق الرسمي باسم الحزب باعتباره ليس ناطقاً رسمياً، فبحسب اللوائح فإن الحزب لا يستطيع تغيير المناصب إلا بقرار من المكتب السياسي. إبراهيم الميرغني الذي تولى منصب الناطق الرسمي باسم الحزب وإن كان حديث عهد في السياسة لكن صلة القرابة بينه وبين الميرغني كونه ابن عم مرشد الختمية محمد عثمان الميرغني، فتحت له الباب للولوج إلى دنيا السياسة. وأكدت مصادر أنه لم يكن عضواً في الحزب وإنما أتى عن الطريقة الختمية. وفى حديثه ل «الإنتباهة» أكد علي السيد أن ما حدث يعتبر هيمنة بسبب رغبة إبراهيم الميرغني الجامحة في تولي رئاسة الحزب على الرغم من أنه حديث عهد في الحزب والسياسة ولا يملك قدرات وعمقاً سياسياً، وإنما يتعامل بالفطرة. ويستطرد السيد أن هذا لا يخرج من كونه إفلاساً فكرياً ومحاولة للسيطرة على الحزب بإية وسيلة، والحديث للسيد الذي يضيف أن هذه الحادثة غريبة على المجتمع الاتحادي ومن المدهش أن يشهر السلاح في منزل الميرغني. حادثة علي السيد وإن اعتبرت الأولى من نوعها باستخدام سلاح التهديد وتوعد لقيادات داخل الحزب لكن سبقتها حادثة في العام 2009 شهدتها قبة البرلمان في تطور لافت في جلسة البرلمان شوهد نائب عن المؤتمر الوطني يخرج مسدسه ويعمل على حشوه أثناء الجلسة، وانتقد نواب البرلمان هذه الظاهرة معتبرين أن وجود نائب يحمل السلاح داخل قبة البرلمان تعتبر حادثة غريبة من نوعها ومؤشراً خطيراً لمحاولة تصفية الرأي الآخر. ويرى عدد من القيادات تحدثت ل «الإنتباهة» أن مثل هذه الحادثة تعتبر جديدة على الساحة السياسية السودانية التي لم تتعد النقاشات الحادة بين أي طرفين سواء في البرلمان، أو أية مواجهة بين حزبين مختلفين. ويرى أ. عوض محمد أحمد أستاذ العلوم السياسية أن مثل هذه الحوادث لا تخرج من كونها غياباً للحكمة في الساحة السياسية التي تتطلب مزيداً من الدبلوماسية والتعامل بحكمة وذكاء شديدين حتى لا يحسب أي موقف سلبي ضد أي فرد. وإن اقتصرت مثل هذه الحوادث في السودان على إشهار وإخراج المسدسات كوسيلة للتهديد أو الترهيب، إلا أن في عدد من الدول العربية تعدى الإشهار ووصل إلى حد إطلاق النار من بعض أعضاء البرلمان في الأردن فقد أوقفت السلطات الأردنية نائباً برلمانياً أطلق الرصاص على زميل له في جلسة علنية بالبرلمان الأردني. وتطوّرت المشاجرة التي شهدها البرلمان الأردني إلى إطلاق الرصاص الحي من سلاح أوتوماتيكي تحت قبة مجلس النواب الأردني، حيث تمكّن أحد أعضاء البرلمان من تهريب السلاح إلى داخل الجلسة ومن ثم أطلق النار على أحد زملائه استكمالاً لمشاجرة سابقة. وفي تركيا اندلع عراك بالأيدي تخللته لكمات في البرلمان التركي، ما أدى إلى نقل أحد النواب إلى المستشفى لتلقي العلاج، وذلك للمرة الثانية في البرلمان، وتناقلت مصادر إعلامية تركية أن الجدل في البرلمان استعر أثناء مناقشة مشروع إصلاح النظام القضائي المثير للجدل، وتم نقل نائب زعيم حزب الشعب الجمهوري بولنت تزجان، إلى المستشفى إثر إصابته بلكمة تلقاها من زميله في البرلمان، النائب عن حزب العدالة والتنمية أوكتاي سرال. إذن يبدو أن العنوان الرئيس لهذه التجاوزات التي تصبح اليد بديلاً للحجة هو غياب الحكمة. نقلاً عن صحيفة الانتباهة 2014/4/2م