أكد وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين عزم الجيش علي حسم التمرد بدارفور في العالم الحالي وقال ان الصيف الحاسم سيستمر حتي القضاء علي التمرد حسب تعبيره محذراً المتمردين من الاستمرار في الحرب ودعاهم للجلوس للحوار. ومن جهته كشف مدير جهاز الأمن والمخابرات محمد عطا عن ترحك متحرك قوات الدعم السريع الثاني الي مناطق جنوب كردفان لبسط الأمن والاستقرار هناك وقال ان هذه القوات قدمت تضحيات كبيرة دفاعاً عن الأرض وكان أداؤها مهنياً. وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي تتعالي فيه الأصوات من قبل قادة الجبهة الثورية تتحدث عن مخاوف من اندلاع مواجهات في جنوب كردفان ستكون لها عواقبها السيئة علي المنطقة ككل وتلك زاوية أخري للرؤية السياسية لإدارة الحرب من قبلهم. والوقائع في الميدان تؤكد تمسك الحكومة بمبدا الدفاع عن مواطنيها وممتلكاتهم في المناطق التي تسيطر عليها هذه الحركات المتمردة التي كانت تنظر لمسألة إطلاق النار كعملية سياسية مدروسة تنسج حولها خيوطاً ناعمة لتنفيذ مخططاتها الخاصة . وغلبت علي عمليات الصيف الحاسم حالت الخداع السياسي التي يمارسها قادة قطاع الشمال الذين افتقدوا بدورهم زمام المبادرة في الميدان بسبب اشتعال الحرب في جنوب السودان وانشغال قواتهم " نسبة كبيرة منها" بالدعم القتالي للأطراف المتنازعة هناك. لذلك كان استباقهم الإعلامي للفت الأنظار باتجاه جنوب كردفان وهذا ما توقعته مختلف الدوائر الإعلامية والسياسية حتي في الخارج منذ أول مارس الماضي عندما ضاقت آفاق الحوار السياسي بين الحكومة ومفاوضي قطاع الشمال في أديس أبابا. والاتجاه الإعلامي الذي تسلكه مركزيات القيادة في الجبهة الثورية يعمل بحسابات موازنة فارق القوة بالتسييس الدولي وهي الإشارة التي دفع بها السيد مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني رافضا هذه الافتراءات السياسية جملة وتفصيلا. وخطورة المواجهات العسكرية في جنوب كردفان ودارفور في هذا التوقيت بالتحديد ، أنها تأتي والبلاد تشهد حالة استقطاب دولي حادة ولا تملك الجبهة الثورية من الخيارات السياسية الآنية ما يجعلها قادرة علي اللعب بالحبلين في الخرطوم والميدان. وحتي لا يكيل البعض بمكيالين لتدخل الحقائق في ضبابية الأحكام المسبقة فأن الخيار العسكري لم يكن مطلوباً لذاته أو هو غاية يسعي إليها السياسيون في الخرطوم وإنما هو واقع فرضته شروط التفاوض التعجيزية التي تتنزل وهي مرفوضة أصلاً. وذلك بالرغم من التحذيرات التي ساقها العديد من المراقبين خصوصاً في الإعلام المحلي بأن كان إصرار قادة قطاع الشمال علي تدويل الحرب في جنوب كردفان سابقاً علي نيتهم للتفاوض من اجل إيجاد حلول سليمة في المنطقتين وان هذا مطلوب في حد ذاته. ليكون وجود المتحرك الثاني من قوات الدعم السريع في جنوب كردفان هو سياسة دولة تتعاطي واقعياً مع مهددات أمنية باتت تؤثر علي علاقاتها مع الجوار خصوصاً مع جنوب السودان دون اية مبررات وهذا المنحي يزعج قادة الجبهة الثورية كعمل مباغت. وتكمن قيمة هذا المنحي الأمني الحاسم في مناطق العمليات في انه يحمل أكثر من رسالة لكل الأطراف المعنية بالعملية السلمية في السودان بأن الحكومة حينما صدعت لخيار الحوار الوطني لم تكن عاجزة أو أنها فقدت قدرتها علي حسم التمرد ميدانياً. وبالنظر للجدول الزمني الذي وضعته موجهات مجلس الأمن الدولي بأن تكون نهاية ابريل 2014م هي السقف الذي يجب ان تنهي فيه مفاوضات الحكومة مع قطاع الشمال وقرائن الأحوال تشير الآن الي انه لا جديد سيحدث هنا سوي تصعيد المواجهات المسلحة". وهي الحالة الاحتدامية في الميدان التي لا يستطيع احد التكهن بنهاياتها إلا من خلال متابعة مجريات الأحداث في الإقليم ككل، وفيها تبرز للسطح للمرة الأولي ان حرب الرفاق في الجنوب قد بدأت تهد من عضد قطاع الشمال وتهدد علاقته بالجبهة الثورية. فإذا كانت حركة العدل والمساواة قد دخلت في اللعب الخشن مع حكومة سلفاكير وأصبحت مصادر تسليحها داخل الجنوب نفسه مصدراً للمشكلات الأممية فإن الحكومة السودانية لا تفعل أكثر من واجبها تجاه مواطنيها في هاتين المنطقتين بالقوة اللازمة. والسؤال الكبير والفاضح والدامي هو: ماذا يجري هناك خلف الحدود السودانية الجنوبية؟! ما الذي يخشي هؤلاء الناس عليه من الانكشاف أي قوة أجنبية قد نزلت الي الميدان هي الأخرى لتساهم في طقوس تدمير القدرات الذاتية "الجنوبية الجنوبية". ومن ستكون عليه محاسبة هذه القوات المسلحة التي لا تحمل جنسية جنوب السودان هو نفسه من سيكون ملزماً بتفكيك عناصر التهديد الأمني علي جمهورية السودان في هذه الحدود ولن تكون مسألة الحياد أو التورط من قبل أي طرف هناك هي موضوع النقاش. وستذهب الحكومة للتفاوض هذه المرة بالترانسيت من الميدان بر مواقع أخري غير تقليدية وستدعو كل القوي السياسية في البلاد للحوار وقواتها المسلحة في الميدان لان الواقع السياسي الراهن في هذا البلد لا يقبل إلا أن يكون هناك منتصر و مهزوم!! ونهاية ابريل هو بداية التدخل الدولي المفضوح في الشأن السوداني من بوابة الجبهة الثورية ونفسه هو التوقيت الذي هو من خلال تصريحات وزير الدفاع ومدير جهاز الأمن الذي ستكتمل فيه سيطرة قواتهم علي الميدان في جنوب كردفان ودارفور. ومن جانبنا نعيد قولنا المتكرر بأن الحرب هي أصعب القوانين وأكثرها فداحة في الثمن في الأرواح والوقت والمال ، وكان ممكنا تدارك خطر وقوعها بالتفاوض " المبرأ من الحفر وسوء الطوية،" وبالحوار الوطني من غير اللجوء " للتمويه والتضليل". وما بين تصريحات مسؤولي الأمن والدفاع في السودان وتلك الدعوات التي يرفعها قادة الجبهة الثورية للمجتمع الدولي تتحرك الخرطوم في الاتجاه الذي يدعم مواقفها" كدولة" كاملة السيادة في الحفاظ علي أمنها بالرغم من " العقوبات الدولية الجديدة القادمة". نقلا عن صحيفة الصحافة 13/4/2014