درجت الحركة الشعبية عبر مسيرتها في الحرب مع الحكومات السودانية في استخدام الضربات الإستنزافية إعلاناً عن بدء التفاوض ،وتعزيزاً لموقفها التفاوضي ورفع سقف التفاوض والضغط وهي سمة تلاحق الحركة منذ السودان الموحد كلما إنهارت جولة تفاوض انتشرت رائحة البارود وأنين المدن وأشلاء البشر وتدمير المرافق الحيوية اليتيمة في تلك المدن. وصبيحة السبت 27 /4 قامت الجبهة الثورية بالهجوم على أم روابة وأبو كرشولا بعد انفضاض سامر التفاوض في أديس أبابا مشفى الأزمة السودانية الذي الفته القوى السودانية رافضة (توطين) حل الأزمة السودانية بالداخل فأصبحت الوجوه السودانية حاضرة في منتجعات أديس علها توقف شلالات الرهق والدماء المنحدرة من الجبال والمنبسطة علي سهل خريطة السودان السياسية نتيجة انعدام الثقة بين المكونات السياسية ومحاولات بعضها للكسب وإحراز نقاط التفوق على الأخر دون الأخذ في الإعتبار أن هنالك مواطن يرنو الي السير بأغنامه وأشياءه ولا يخاف حتى الذئب عليها، بعد اختلال الطبيعة وانقراض الذئب. إن ما حدث من قوات الجبهة الثورية في أم روابة وأبوكرشولا عملية عسكرية الهدف منها هو رسائل الكاتيوشا الي منتجعات أديس أبابا والقفز العالي من بند المنطقتين، وأن القطاع أصبح الممثل القوي لقوى المعارضة فيجب أن نتفاوض على كل القضايا، وهذا ما قلناه في مقالنا الأسبوع الماضي(يوم الزينة والعصا) أن القطاع إذا خرج من دائرة المنطقتين تنهار العملية التفاوضية ، وتعشمنا في يوم الزينة وفعلاً حُشِّرنا فيه ضحىً (ولقفت كاتيوشا القطاع) أم روابة وتنتظر الحكومة أن ترمي عصاها بعيداً عن جنوب كردفان والنيل الأزرق ، والمحتشدون ينتظرون المشهد الثاني من جولات تفاوضية ماراثونية بطعم البارود . وهنالك حقيقة لابد للقاريء والمراقب أن يعلمها أن الذي بين الحكومة والجبهة الثورية حرب ، وخياراتها مفتوحة ويسعى الطرفان إلى إلحاق الهزيمة بالآخر، والضرب الموجع تحت الحزام والتحرك في مساحات العمق ، ورغم أن الجبهة الثورية مليشيات لا تملك الأرض والسكان والحكومة تملك كل الأشياء لذلك يتأثر المواطن وينزعج، هذه المعادلة المختلة في دورة الحرب جعلت الجبهة تتحرك دون النظر الي مصير المواطن وممتلكاته فجعلته حقاً مشروع للنهب والسلب ، وعليه نرى أن الحرب بين الحكومة والجبهة الثورية حرب مفتوحة في فضاء واسع ، ويجب على الحكومة أن تتعامل مع هذه الوضعية لحسم مليشيات الجبهة عبر الأتي: أولاً . إطلاق يد القوات المسلحة وتوجيه ضربات قوية ومؤلمة للجبهة في أوكارها وجبالها دون الإكتراث لإفرازات الحرب، وصيحات المجتمع الدولي،وفعلها الجيش التركي في حسم التمرد الكردي حيث دك الطيران التركي أوكار الأكراد، وكانت تركيا تتعشم بنيل عضوية الاتحاد الأوربي، وهذا لم يمنعها من الحسم العنيف لأن القضية تدخل في مهددات الأمن القومي ، ومن بعدها تلعب الدبلوماسية ما تشاء من أدوار ، ولأن الحرب والدبلوماسية وجهان لعملة العلاقات الدولية ولا ثالث لهما. ثانياً . إن التفاوض قائم بين المنطقتين وهذا لا يتحقق إلا بعد تحقيق مبدأ الحرب أولاً حتى تعلم الجبهة الثورية مرارة الحرب ، نعم الحرب لها تبعاتها من خسائر وجراح ، مع العلم أن ضرب أم روابة والتحركات الأخيرة ما هي إلا رسالة الي الحكومة أن الحرب تجبرها على قبول شروط التفاوض برؤية القطاع وتوابعه ، ومن الرسائل أيضاً تصوير القوات المسلحة بشيء من الضعف وخلق حالة من الإرباك داخل صفوفها عبر الشائعات المبثوثة على الأسفير متنفس الغاضبين على النظام، وهي حملة واضحة يشنها هؤلاء الغاضبون عبر الفيسبوك، ومواقع التواصل الأخرى والصحافة الالكترونية وأغلب القائمون عليها لا يفرقون بين الوطن العريض والوطني الحزب فهم اليوم يقودون حملة القضاء على القوات المسلحة إسفيرياً بالتزامن مع تحركات الجبهة الثورية. ثالثاً: العمل علي تحديد رؤية واضحة في التعامل مع المجتمع الدولي خاصة في قضايا الحرب والسلام وعدم السماح للقوى الدولية في تحديد تلك الخيارات، والعمل على صياغة خطة دبلوماسية تعزز حماية الدولة ومبررات حربنا ضد الثورية التي لا تعرف إلا لغة الحرب ولذلك ينبغي أن يكون البارود عنواناً جديداً لعلاقة الحكومة بحركات الجبهة الي أن تضع الحرب أوزارها وحينها دعونا نذهب الي أديس أبابا. حافر وصهيل توقيت الهجوم المتزامن مع نهاية المفاوضات بين الحكومة والقطاع اختيار من تعامل الحركة الشعبية في تعزيز موقفها التفاوضي كما فعلت الحركة الأم! إبان جولات نيفاشا والهجوم على توريت، ولكن القطاع أراد التحرك خارج أرض التفاوض بصفته القومية والندية مع الحكومة السودانية،أو يسعى الي نقل الحرب الي مكان أخر بعد الإتفاق حول ترتيبات المنطقتين ، وهذا أقرب الي عقلية الذين تربوا في أحضان الحركة الشعبية، ورضعوا من ثدي المؤامرات الصدئيء في إطفاء النار في مكان! وإشعالها في أخرى والتاريخ السياسي للحركة يقول ذلك اذ أنها تعتمد على (الأجندة المتحركة)، ومنها إطفاء حريق الجنوب في نيفاشا وإشعال نار الحرب في كرنوي وعموم دارفور، وبعد أن نالت الحركة مرادها بانفصال الجنوب وتكوين دولة مستقلة أشعلوا النار في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وفي محاولا ت إطفاء ثالث تمهد الحركة قطاع الشمال في إشعال النار من جديد في شمال كردفان عبر بوابة أم روابة. إن الجبهة الثورية وقطاع الشمال صاحب الأجندة المتحركة العقل السياسي للجبهة يحتاج الي هزة عسكرية بالحرب الشاملة والضربات الاستباقية والهجوم المتوالي حتى يعلم القطاع أن الحرب لها أيضاً وجه غير جميل، حينما تكون القضية هي الوطن والإستقرار وإن أردتم سلام أيها الحاكمون مع الجبهة الثورية فاعلموا أن الحرب ونشوة البارود هي أولى مراحل السلام ولن يجدي مع القطاع وأعوانه إلا هذا(أكسح وأمسح والرهيفة تنقد)بعدها السلام ويبقى الود والوطن والأرض.