تبدأ اعتبارا من اليوم وغداً جولة جديدة من المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال حول قضايا المنطقتين بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا .. الجولة الجديدة تنطلق وسط متغيرات الحراك الايجابي لمساحات الحريات الحزبية التي أطلقت أخيرا حيث اكتظت الساحات والميادين بالقوي الحزبية المختلفة تعرض بضاعتها وتسوق مواقفها ، الموضوعي منها وغير الموضوعي وإزاء هذا التطور فالمأمول ان تشهد الجولة استلهاما من هذه الروح ان خلصت نوايا الطرفين وحيث ان نية الحكومة حتي الآن تبدو اقرب للنزاهة في قضية الحوار فإن المسؤولية تلقي يغير قليل من الحمل علي الطرف الآخر في ان يتقدم خطوة الي الأمام خارج مربع التزمت والاعتساف الذي جعل كل الجولات الماضية تنتهي لتبدأ من جديد. لن تكون المهمة سهلة علي البروف غندور ووفده المرافق إذ من الواضح ان شبح حلفاء ياسر عرمان في الجبهة الثورية يقيد الرجل عن أية خطوة لصالح السلام وهو لن يكون مستعداً للتنازل عنهم لأنه بذلك يجلس القرفصاء بلا حماية او غطاء فبعد عطر منشم الذي اندلق بين الرفاق في الحركة الشعبية الأم لم يعد من سبيل ل" عرمان " الا تشبيك تحالف جديد يتيح له مظلة يتحرك تحتها، وراية يرفعها في المنابر ومواقيت النضال ولهذا فإن الموقف من سلبية وايجابية محصلة الجولة الحالية تحدده ثلاثة عوالم ، الأول مدي انتزاع عرمان نفسه من الارتهان لبيانات مني اركوي وجبريل إبراهيم ومنهجية الابتزاز التي تثير عنده الفزع فترده عن سليم المعتقد في التفاوض برمته الي سقيم خذلان الناس في مشروع السلام جملة ،وأما العامل الثاني وهو غائب حتي الآن فيتمثل في قدرة الوساطة علي ان تكون أداة مؤثرة في ضبط مسار العملية التفاوضية مكن حيث الموضوعات والأجندة، وان تكون التفاهمات التي يتم التوصل إليها في كل جلسة ملزمة بحيث يتجاوز الطرفان إشكالية كلام الليل يمحوه النهار الذي تمارسه الحركة الشعبية. العامل الثالث مشترك بين أبناء المنطقتين في الوفد الحكومي ووفد التمرد فبغض النظر عن ماهية القيادة السياسية والرمزية الحاكمة لكل وفد سواء أكان البروفيسور غندور أو ياسر عرمان فإن نظر أبناء النيل الأزرق وجبال كردفان بعين الرحمة الي أهلهم وعشائرهم في حد ذاته دافع يجب ان يكون اقوي من أية عصبية سياسية وولاءات ويكفي حجم الرهق والمعاناة التي سببتها الحرب ويدفع ثمنا وفاتورتها الأبرياء والمساكين في المنطقتين دون غيرهم ، وان كان هؤلاء الأبناء بوفدي التفاوض علي قلب قضية أهلهم فالمفترض الي جانب سير العملية التفاوضية في مسارها الإجرائي بين بنود الأمن والسياسة ان يغلب تيار أهل المصلحة ببرامجه وأهدافه في السلام وان يعجل ولهذا فإن تواصل طرفي الفريق خارج اطر المسار الرسمي يمكن ان ينجز شيئاً يري فيه الناس اختراقا جديداً لصالح السلام كمطلب شعبي وغالب.. وعموماً دعونا نري ما تحمل الأيام القادمات ولعلها تأتي بخير. نقلا عن صحيفة المجهر السياسي 23/4/2014