أن اختيار د. رياك مشار للخرطوم كأول محطة أو دولة بعد توقيع اتفاق وقف أطلاق النار مع سلفاكير يأتي من باب إدراك رياك مشار أن الخرطوم المتأثر الأول للإحداث في الجنوب وهي المتفاعل الأكبر مع تطورات الأحداث سلباً أو إيجاباً، كما يأتي كإقرار ضمني بدور الخرطوم كجزء من الإيقاد التي رعت الاتفاق، ويؤكد أن مشار يدرك أن أثيوبيا وكينيا والسودان أصحاب مصلحة حقيقية في وقف الحرب بجنوب السودان. ولا يجب اعتبار اختيار مشار للخرطوم استثناء لان الزيارة تأتي في إطار تنوير شامل ودقيق بالاتفاق الموقع مع الرئيس سلفاكير وتأكيداً لالتزامه والاستعانة بها كشاهد حال تم خرق وقف إطلاق النار؛ لجهة أن الخرطوم شريك أساسي في كل ذلك عن طريق ممثلها الفريق الدابي. الخرطوم لن تنظر للزيارة كهم ثقيل علي القلب لجهة أن الزيارة معلنة وليست سرية، وبافتراض أنها سرية فلن يؤثر ذلك علي الخرطوم، إذ سبق وتم الزعم بزيارة سرية لمشار للخرطوم في ظل الأحداث، إلا أن النفي جاء من حكومة الجنوب نفسها التي سارعت بنفي المعلومات، ومنحت أشارة إيجابية بإعلانها إذا كانت هناك زيارة فإنها في انتظار النتائج، الأمر الذي اعتبر بمثابة ثقة كبيرة من جوبا في تأثير الخرطوم الايجابي في حل أزمة الجنوب وأن الروشتة أي كانت الصادرة عن الشمال فهي لصالح استقرار الجنوب. إن التوقعات حيال نتائج جولة مشار المزمع انطلاقها من الخرطوم لا يمكن التكهن بها بدقة لجهة أن د. رباك مشار لا يتمتع بصفة رسمية ليخرج بنتائج رسمية، بل هو خصم لدود للرئيس سلفاكير، وكل ما يمكن أن تفعله الخرطوم هي أن تحصل منه علي تعهدات بمراعاة التعهدات والمواثيق الدولية في معاملة الأسري علي سبيل المثال، ومراعاة مصالح الجنوب النفطية، بالإضافة الي إمكان الخرطوم استفساره عن أحداث بانتيو وما حدث للتجار الشماليين، لكن ليس هناك أجندة واضحة يمكن من خلالها ضبط أهداف ومخرجات الجولة. القفز فوق المراحل ومحاولة قراءة زيارة الرجل بمساعي الحصول علي حشد وتأييد إقليمي يدعم من خلاله موقفه في مواجهة سلفاكير انتخابياً يعد سابقاً لأوانه، كما أن الفرضية لا تجد دعماً من خلال المستهدفين من الزيارة.. فجيبوتي والصومال لن تمنحا مشار ما يريده، وبالطبع فان ذلك لا يعني أن مشار غير موثوق به بل بالعكس تماماً هو المفضل في الحد الادني شمالاً، ويعد الأحسن استراتيجياً نظراً للعقلانية التي يتمتع بها في النظر لعلاقات البلدين الجنوب والسودان. نقلا عن صحيفة الرأي العام 18/5/2014م