بالأمس أكملت الإنقاذ 25 عاماً من الحكم، يتفاوت الناس في تقييمها فقد شهدت البلاد خلالها إعمالاً عظيمة وأحداثاً كبيرة وتضحيات جسيمة.. والمحلل الموضوعي لابد أن يقسم هذه الأعوام لثلاث فترات كانت نتيجتها ما تشهده الساحة الآن من دعوة للحوار والتداول وصولاً لتوسيع المشاركة السياسية. منذ 89 وحتي 2005 كانت البلاد تخوض حرباً شرسة بدأت عام 84، حرباً كانت تستهدف هوية البلاد والعباد وهي فترة يعلمها الجميع ولا تحتاج منا الي تفصيل.. ثم الفترة الانتقالية 2005- 2011 شهدت مشاركة كافة القوي السياسية وتضمنت هذه الفترة انتخابات 2010. ثم فترة ما بعد انفصال الجنوب وانتهاء اعقد مشكلة أخرت البلاد وكبلت نهضتها وقوضت ديمقراطيتها. وبدراسة الفترات الثلاث تتضح أهمية دعوات الحوار والمشاركة في الانتخابات وبما يسبقها من أعداد لقانونها. ومن وحي أحداث هذه الفترات كنا نتوقع أن تستجيب أحزاب المعارضة لدعوة البرلمان للمشاركة في مداولات قانون الانتخابات وأن تحرص في نفس الوقت علي المشاركة في اللجنة الطارئة المزمع تكوينها لمراجعة الدستور خاصة وأن كل الأحزاب المعارضة الآن كانت قد شاركت فيه.. نقول كنا نتوقع أن تستجيب تلكم القوي لدعوة البرلمان ولكن علي عكس التوقعات رفضت بعض الأحزاب الدعوة بمبررات توحي بأنها تتعامل مع الواقع تحت تأثيرات نفسية فعلماء النفس يقولون انك إذا اتخذت موقفاً عدائياً من احد فلن تري ايجابياته ولن تستحسن ما يقوم به، وتسئ فهمه بشكل متعمد. بعض الرافضين للمشاركة في مداولات قانون الانتخابات قالوا إن دعوتهم تهدف الي إجازة القانون بوجودهم! وهو بذلك يغفلون حقيقة الدعوة – التي استجاب لها عدد مقدر من الأحزاب- وهي دعوة للتداول لتحقيق توافق، وماذا يضير الأحزاب إن هي شاركت؟ فبوسعها ن تنتقد حتي طريقة التداول إن رأت ذلك، وبوسعها أن تعلن كل ما تريد فوسائل الإعلام متعددة ومفتوحة ومتنوعة إمام الجميع. إما الرفض كمبدأ فهو لا يعبر بأية حال عن مواقف سياسية وإنما هو أقرب للحالة النفسية. إضافة الي ذلك فهناك مفارقات كبيرة نراها في تصريحات بعض رافضي الحوار فهم يقولون أنهم يعملون لإقامة نظام ديمقراطي وفي ذات الوقت يرفضون الحوار. ويقولون إن ثقتهم كبيرة في الشعب ويرفضون في نفس الوقت الانتخابات.. نقول لا سبيل لدعم استقرار البلاد ونهضتها إلا بالحوار وتبادل السلطة عبر انتخابات، فبديل ذلك العنف ودعم حركات التمرد وهو أمر لا يحقق شيئاً بل يهدد بقاء الدولة ذاتها!. نقلا عن صحيفة السوداني 1/7/2014م