لا بد للطلب الذي تقدم به رئيس بعثة اليوناميد لمجلس السلم والأمن الأفريقي بخصوص تمديد ولاية البعثة بدارفور، أن يخضع لموافقة الحكومة السودانية ومشاورتها ومراجعة أداء البعثة على الأرض. فتقييم أداء اليوناميد خلال فترة عملها الماضية ومدى مساهمتها في دفع سلام دارفور أضحى ضرورة ، فعلى الرغم من الميزانية الكبيرة الموفرة لليوناميد التي تبلغ ملياراً و300 مليون دولار، بجانب الوجود الكثيف لآلياتها وعتادها ، إلا أنها لم تحقق شيئاً من مهامها التي جاءت من أجلها في مقدمتها التدخل في فض النزاعات وتوفير الأمن بمناطق وجودها، باعتبارها شريكاً أصيلاً في المحافظة على السلام بدارفور. وتقول قرائن الأحوال أن التقارير التي رفعتها اليوناميد عن حالة عدم الاستقرار الأمني بدارفور، جاءت متحاملة ونتيجة لإدعاءات لفشلها في تنفيذ مهمتها ، فدارفور حالياً تشهد استقراراً أمنياً مقارنة بالأعوام السابقة بفضل مجهودات السلطة الإقليمية ومساعيها في عملية رتق النسيج الاجتماعي. ويقول مراقبون إنه ينبغى على البعثة أن تضع خطة لكيفية ترتيب أوضاعها باعتبارها بعثة غير دائمة بحيث يتناقص عددها.فعمل البعثة مرتبط بعملية حفظ السلام بدارفور وفق اتفاق الدوحة وحسب توقيت ومهام محددة وبمجرد اكتمال عملية السلام لن تكون هناك حاجة لليوناميد.ويشدد المراقبون أن الوقت الحالي يحتاج لترتيب الأولويات بحيث يتم التركيز على جانب الشرطة والجانب المدني بمعاونة اليوناميد لأن لها دورًا في عمليات الإنعاش المبكر بدارفور، مطالبين بضرورة تفعيل التعاون بين الشرطة الولائية والمجتمعية وبعثة اليوناميد لتوفير الأمن والحماية الكافية للمعسكرات وعودة النازحين. فتجربة البعثة المشتركة (اليوناميد) في دارفور - كما تقول الشواهد - هي نموذج لتجربة إهدار المال الدولي فيما هو غير مفيد, فالسنوات الست التي قضتها قوات اليوناميد في دارفور بدت فيها غير فاعلة ولم تقم بأي عمل ذي بال كان الإقليم في حاجة ماسة إليه, بل ان قوات اليوناميد أصبحت هي نفسها عبئاً علي الإقليم حين تعرضت مراراً لهجمات المتمردين وتورطت في أحيان أخري في تقديم الدعم للمتمردين. وحتي الآن لم نقرأ تقريراً حقيقياً صادقاً لهذه القوات بحجم الإنجازات الميدانية الملموسة التي أنجزتها, كل تقارير اليوناميد كانت إقرار بتحسٌّن الأوضاع وتوقف وتيرة العنف والمواجهات ومن الملاحظ هنا أن هذه البعثة المشتركة لم يحدث قط أن قدمت تقريراً أقتضي أن يغيَّر مجلس الأمن من تفويضها من الفصل السادس الي السابع. و مطالبة الحكومة السودانية بتقليص وخفض هذه القوات إنما هو من قبيل التعامل الدبلوماسي, إذ يبدو أن الخرطوم ليست لديها الرغبة حالياً في الدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي وهي تعيد ترتيب بيتها الداخلي ولديها قضايا متبقية مع دولة الجنوب. أو أن الحكومة السودانية عازمة علي معالجة هذا الملف بهدؤ وقدر من العقلانية وطول النفس بعيداً عن إثارة الأزمات, ولكن الواقع المجرد يشير الي أن قوات اليوناميد لم تعد ذات جدوى حيث تراجع العنف . وتم نشر بعثة اليوناميد بدارفور وفق قرار مجلس الأمن الدولي ( 1769 ) المؤرخ ب(31 يوليو 2007م) وتقوم مهمة اليوناميد الأساسية - وفق الموقع الالكتروني للبعثة - على حماية المدنيين، إلا أنها مكلفة أيضا بالإسهام في توفير الأمن لعمليات المساعدة الإنسانية، ورصد تنفيذ الاتفاقات والتحقق منه، والمساعدة على إجراء عملية سياسية شاملة، والإسهام في تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون، والرصد والإبلاغ فيما يتعلق بالحالة على طول الحدود مع تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى".ويقع مقر البعثة في الفاشر، عاصمة شمال دارفور، ولديها مواقع نشر إضافية في جميع أرجاء ولايات دارفور الخمس. وتقوم البعثة بأكثر من 200 دورية يوميا محاولة زيادة فعاليتها غالبا في مواجهة الإعاقات البيروقراطية أو المسلحة. وتهدف البعثة إلى بذل كل ما في وسعها لحماية المدنيين في دارفور وتيسير وصول عمليات المعونة الإنسانية لجميع المناطق، بغض النظر عن المتحكم فيها، والمساعدة على تهيئة بيئة لترسيخ السلام.