تتلقي الخرطوم خلال اسبوعين 183 مليون دولار بعد توقيعها، أول من أمس (السبت)، على برنامج دفعيات تسدد بموجبه شركات النفط العاملة بمربعي 7،3 في دولة جنوب السودان التزاماتها نظير عبور، ونقل ومعالجة الخام المصدر من نصيبها عبر الأراضي السودانية. وبالنظر للمبلغ الذي سيدخل الخزينة العامة، نجد أنه كبير، ويسهم بلا شك في إنعاشها بضخ مبالغ بهذا الحجم. ويري عدد من المراقبين أن هذا المبلغ يسهم بصورة كبيرة في دفع عجلة الاقتصاد الوطني كلن في ظل تحديات كبيرة تكمن في توظيف هذا المبلغ في القطاعين الزراعي والصناعي. ووقعت وزارة النفط السودانية والشركاء العاملين في مشروع بترودار لنقل خام الجنوب من مربعي ثلاثة وسبعة، في 28 يونيو الماضي، على اتفاقية إطارية من المتوقع أن تحقق عائداً سنوياً لخزينة السودان يقدر ب(366 مليون دولار. ووافق الشركاء على دفع رسوم العبور 4 دولارات بدلاً من دولار واحد، وقبلوا برفع التعرفة على البرميل الواحد من 5.5 دولار إلى 19.8 دولار للبرميل لمدة ثلاث سنوات تبدأ منذ يونيو 2013 وتوقع المهندس مكاوي محمد عوض وزير النفط أن يؤثر الاتفاق على حصيلة السودان من العملات الحرة، حيث تدخل مباشرة إلى الخزانة العامة 183 مليون دولار كمتأخرات ويبدأ الحساب الشهري للشركات كدخل مباشر شهري بحسب الإنتاج والصادر ما يدفع بالإيرادات العامة للدولة. وقال دكتور محمد الناير الخبير الاقتصادي قطع شك أن هذا المبلغ سيشكل، إضافة وزيادة في التدفق الأجنبي والأهم من ذلك أنه بداية للمحاسبة مع الشركات لحصول السودان على تكلفة نقل النفط. ويرى الناير خلال حديثه ل(التغيير) أن الاتفاق سيخلق استقراراً لفترة ربما تصل لشهر، وأضاف يمكن أن تطول هذه المدة إذا وظف المبلغ بشكل جيد، وقال الأهم في الأمر أن المبلغ يوفر عملة حرة لاستيراد السلع الإستراتيجية كالقمح والدواء، إضافة إلى أنها تمثل مورداً أساسياً في الموازنة. وقال الناير لابد من ضخ النقد بترتيبات محددة، كأن يتم توظيف اعتمادات مقدرة أو تنفيذ الاعتمادات للقطاعين الزراعي والصناعي، وبهذه الطريقة يمكن الاستفادة من هذا المبلغ بصورة أفضل، وأضاف يظل المحك الأساسي والتحدي الأكبر في فرق السعر بالسوق الموازي، وقال هذا يحتاج لتدفقات نقدية أكبر لتقليل الفجوة بين السعرين. وبموجب الاتفاق الإطاري الموقع بوزارة النفط، تم تحديد مبلغ 183 مليون دولار تدفع خلال أسبوعين من تاريخ التوقيع كتسوية حتى يونيو 2013، على أن يؤول متبقي المبلغ للشركات كسداد لجزء من مديونيتها على حكومة السودان، وتم تحديد التزامات كل شركة بحسب نصيبها من الإنتاج. وقال عوض الكريم محمد خير وكيل وزارة النفط إن الاتفاقية فصلت الضوابط ونظم الدفع واستحقاقات كل شركة. وتضم قائمة الشركاء كل من سي إن بي سي الصينية، (cnbc) ويقدر نصيبها ب41% وشركة بتروناس الماليزية 40% وشركة آل ثاني التي كانت تمتلك 5% تم بيعها لمجموعة الخرافي وشركة ثاني بت 6% وشركة سودا بت 8% التي تمتلك حق نقل الخام فقط. وتوقع محمد خير أن يبدأ البرنامج في سبتمبر حتى نهاية العام 2017، على أن يؤول الخط للدولة بنسبة 95% و 5% للشركاء. واستأثر دولة جنوب السودان بأكثر من 75% من إنتاج السودان عند انفصالها في يوليو من العام 2011، لكنه يحتاج إلى أنبوب النفط السوداني لتصدير خامه عبر الموانئ السودانية أيضاً. وقال الدكتور محمد الفاتح الخبير الاقتصادي ل "التغيير" إن المبلغ يعتبر مؤشراً إيجابياً للاقتصاد السوداني، إذ يمثل 5% من الميزانية الحالية بسعر السوق الموازي، و 3% بالسعر الرسمي من مجمل الميزانية. واعتبره مؤشراً جيداً، وقال الأهمية ليست نابعة من حيث المبلغ، ولكن الاتفاق مع الشركات العاملة في مجال البترول يمكن الشركات الرغبة من الدخول بقوة للاستثمار في المربعات المطروحة، خاصة وأن عدم الاتفاق على رسوم البترول كان يشكل عائقاً للاستثمار، وقال هذا الاتفاق يسهم في زيادة معتبرة للإيرادات العامة في ظل شح الموارد ويصب في جهود وزارة المالية وبنك السودان في توفير النقد الأجنبي للمواطن، وتوقع الاستفادة بشكل إيجابي في تحسن العلاقات مما ينعكس على تزايد الاستثمار في مربعات البترول المطروحة للاستثمار من قبل حكومة الشمال. نقلاً عن صحيفة التغيير 2014/7/22م