الحدث هو ان السلطات القت القبض على نائب رئيس حزب الامة القومي د. مريم الصادق المهدي بعد عودتها من باريس من سلم الطائرة التي حطت رحلها في مطار الخرطوم فجر امس وهي التي تتهمها الحكومة بأنها مهندس اتفاق باريس مع والدها الامام الصادق المهدي. اعتقال مريم الصادق يشير الى ان الحكومة غير راضية عما فعله الامام الذي خرج غاضبا من مشروع الحوار الوطني ابان اعتقاله باحثا عن باب آخر للدخول به لبوابة الحوار ولكن عبر بوابة الجبهة الثورية، بالرغم من المجهودات التي بذلها الامام لتوضيح موقفه وتبريره من خلال الاتصال بكل قادة العمل السياسي في السودان والاتصال الشخصي بأمين الشئون السياسية بالمؤتمر الوطني د. مصطفى عثمان اسماعيل والذي وعد الرجل بأن يطلع على الاتفاق أولا ومن ثم يطلع القيادة والتي بدورها شكلت لجنة يبدو أنها رأت ان الاتفاق غير مجز ، ويرى مراقبون ان الاعتقال هو مؤشر ورسالة من قبل الحكومة للامام الصادق بمصير ابنته حال عاد الى السودان قبل ان تستكمل اخر التسويات بين الأمة والوطني والتي تذهب في اتجاهات مشاركة الأمة في الحوار الوطني ولكن بعد حين. محللون ينظرون الى ان الاحوال في حزب الامة تذهب نحو تيارين الاول الرافض لمبدأ المشاركة في الحوار والتقارب مع الوطني وهو التيا الذي تنضم الى مريم الصادق والآخر يؤمن بمبدأ الحوار بخطوة استراتيجية وليست تكتيكية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ البلاد غير ان هذا التيا بدأ يتراجع تدريجيا بعد ان خابت آمالهم في الوطني عقب اعتقال الامام الصادق بالرغم من التضحيات التي قدمها الرجل واجراء جراحات تجميلية في كابينة قيادة الحزب باستبعاد الأمين العام ابراهيم الأمين من الأمانة والدفع بسارة نقد الله وليها قبل انعقاد المؤتمر العام. حالة تشابك الخيوط لدى الحزب من خلال الرغبة في الحوار الوطني والاستحواز على نصيب الأسد فيه وبين تقديم مهر لقوى الاجماع الوطني والجبهة الثورية الحليف الجديد للأمة جلها جعلت الرجل يسرع عملية خلط الأوراق السياسية لارباكها في المرحلة القادمة لاسيما وان اعلان باريس حسب مراقبين تكتيك سياسي قصد منه الأمام الضغط على الحكومة للرضوخ لعملية الحوار الوطني ولكن بشروطه وكذلك كسب سياسي في لعب دور الضامن للجبهة الثورية في الحوار الوطني ان قام بالداخل كذلك فإن الجبهة الثورية والتي كانت تنتظر من يقبل بها كوحدة شرعية في صراعها مع الحكومة وجدت في الاتفاق منفذا الى ضغط الحكومة وبالاخص الحركة الشعبية قطاع الشمال والذي يعد اللاعب الرئيسي في هذا الاتفاق من اجل استئناف التفاوض في أديس حول المنطقتين ويرى مراقبون ان عملية الانتخابات واجرائها جعلت المشهد السياسي معتم بالضبابية مما يعني ان عمليات السوية السياسية ربما يسغرق وقتا طويلا. خارطة طريق الامام الصادق المهدي والتي بدأها بباريس وربما استقر بالقاهرة في الفترة القادمة حتى تتجلى عاصفة الغضب الحكومي .. حالة الشد والجذب بين حزب الامة والمؤتمر الوطني في اتساقات المسارات السياسية بين رؤية الطرفين مقرونة بوضعية ابن الامام مساعدا لرئيس الجمهورية تذهب في مبادرات الامام للحل الشامل من خلال الحكومة الانتقالية والمؤتمر الدستوري وبين تقديرات الحزب الحاكم في حوار شامل. وصول الامام الى القاهرة والتي قد تكون منفاه الاختياري في المرحلة القادمة حال لم تسير الامور بالشكل الجيد مع المؤتمر الوطني من شأنه ان يخلق رؤية جديدة لروح المعارضة السلمية من الخارج. نقلا عن صحيفة ألوان السودانية 13-8-2014