شهدت العاصمة السودانية الخرطوم انطلاقة فعاليات المؤتمر العام الثاني لمجلس الشباب العربي والأفريقي، وحق لنا أن نفتخر أولاً كون المجلس مبادرة شبابية سودانية تقدم بها الإتحاد الوطني للشباب السوداني في إطار تعزيز التعاون والتكامل بين التنظيمات الشبابية في الإقليمين اللذين ينتمي إليهما السودان في العام 2004م وهو انتقال حميد من خانة الحديث عن التناقضات في الانتماء أو التباينات في الهوية إلى تعميق المساحات المشتركة وخلق فضاء جديد يحقق التكامل للشباب السوداني أولاً بتجاوز معضلة الازدواجية في الانتماء التي ظلت تلاحق أجيالاً عديدة، ثم تعميق للتلاقح والتكامل بين البعدين العربي والأفريقي لعدد آخر من الدول التي تنتمي إما إلى الإقليمين مثل دول المغرب العربي ومصر وليبيا وموزمبيق، أو تلك التي توجد بها مكونات ثقافية ذات صلة بالثقافة العربية أو الدين الإسلامي في وسط وغرب وشرق أفريقيا، كما أنه يتيح للدول العربية خارج القارة الأفريقية فرصة الإقرار بوجود نصف آخر في المكون الثقافي لأشقائه العرب القاطنين في أفريقيا أنهم على الأقل جغرافياً وبيئياً وثقافياً مؤثرين ومتأثرين بالبعد الأفريقي. ان المجلس بهذه التركيبة محاولة جادة للقفز فوق حواجز المستحيل في التقوقع والمفارقة بين المحيطين العربي والأفريقي، وها هو حسب ما سمعنا في الجلسة الافتتاحية يثب نحو الدورة الثانية بعد فترة تأسيسية من العام 2004م إلى 2009م حيث بدأت بعدها الدورة الأولي لأربع سنوات وها هي الدورة الثانية تنطلق وتنتخب جهازاً جديداً يضطلع بهذه المهمة لأربع سنوات قادمة. يبدو المجلس شبه تنظيم إقليمي رسمي كون وزارات الشباب والرياضة بالدول الأعضاء هي التي تختار من يمثلها فيه، وهذا يتطلب أدواراً أخرى لا تتمحور حول الدور الرسمي للحكومات والمحاولات التقليدية الخجولة في بعدها الرسمي لإحداث التكامل بين العالمين العربي والأفريقي في أوجهه الاقتصادية والثقافية والسياسية. فالمجلس ينتظره أن يبتدع من الأساليب والمناهج والأنشطة والبرامج ما يكسر به هذا الجمود ويقود حركة تشبه طاقات الشباب العربي والأفريقي المتطلع إلى دور أكبر في الحياة العامة ونهضة يقودها دون سواه من الأجيال، لذا فإن تحقيق نوع من التلاقي بين المنظمات الشبابية الطوعية ومنظمات المجتمع المدني الشبابية بين العالمين العربي والإفريقي يعزز المقاربة نحو الأهداف المنشودة حين تتلاقي المنظمات الخليجية بإمكاناتها الضخمة والشباب الأفريقي بطاقاته العملاقة لتصنع فعلاً يصب مباشرة في تنمية وتطوير ومعاش المجتمعات الأفروعربية عموماً والأوساط الشبابية منها على وجه الخصوص. يجب على مجلس الشباب العربي الأفريقي بعد أن تجاوز مراحل التأسيس والتمهيد وحقق بعداً جديداً للسودان في الدبلوماسية الشعبية وروح المبادرة والقيادة، أن يبتدر برامج تتبني تحقيق أهداف الألفية التي أعلنت عنها الأممالمتحدة في محاربة الفقر والجهل والمرض وتعميم وضمان التعليم الأساسي، وذلك لا يتحقق إلا بدور طليعي للمجتمع المدني.