الاهتمام الذي تبديه بعض الدول العربية الشقيقة نحو الثقافة والمثقفين ينبغي ان يثير الانتباه، فليست هناك من دولة تقدر الظروف التي يمر بها العالم الآن الا واولت الشأن الثقافي اهتماما خاصا. ومن هنا جاءت هذه المبادرات العربية سواء من مصر او الجزائر او غيرهما من اقطار الوطن العربي دليلا ينهض على ان هذه الدول ومؤسساتها تعي جيدا المخاطر التي تنطوي عليها العولمة في ثوبها الجديد. وقد كان لافتا للنظر ان مصر قد اهتمت بالثقافات الافريقية وتفاعلها مع العولمة فأقامت ملتقى في مايو الحالي كرس لمناقشة هذه القضية الحيوية، وتجيء مبادرة الجزائر لدراسة ادب الشباب والناشئة لتصب في هذا الاتجاه.. وهي مبادرة طيبة، وتستحق مصر والجزائر التهنئة على المبادرتين ولريادتهما مع رجاء ان يتم التنسيق والتكامل بين المؤسسات الثقافية في كل اقطار الوطن العربي وقارتنا الافريقية، وان يصبح للمؤسسات الاقليمية «الاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية» الدورالقيادي في تحقيق التكامل بين المؤسسات الثقافية، لان الثقافة هي الاقدر على تجاوز افاعيل الساسة، وهي التي تملك القدرة على النفاذ الى جوهر الاشياء.. والثقافة هي التي تمكن الجميع من تجاوز التناقضات الثانوية، والمعارك الهامشية/ الانصرافية التي يريد لنا البعض ان نسقط في قاعها. والسودان بموقعه الوسطي يستطيع ان يلعب دوراً مهماً في هذه الملتقيات الثقافية الافروعربية لان السوداني لا يحس بالتناقض بين الانتماءين، فهو مرتبط بهما وجودا وقدرا ومصيرا وتنوعا ثقافيا تقل نظائره حيثما اجلنا طرفنا. والسودان لاعتبارات تاريخية ومستقبلية مؤهل ليلعب هذا الدور الذي رسمته له حقائق التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك والمكونات الثقافية الافروعربية.