(يبدو ان المراة وحدها هى التى سترسلنا الى الجحيم او النعيم).. بنحو كوميدي قال الشاب الذى وجد نفسه وحيداً ضمن عشرات النساء اللائي وقفن للإدلاء بأصواتهن فى الانتخابات التى بدأت أمس الاول ،و مع ان الجملة التى صاغها الشاب متندراًعلى المشاركة الكبيرة للمرأة فى اختيار رئيس البلاد و ولاة الولايات و المجالس التشريعية المحلية الا ان ان الحقيقة كانت كذلك. فخلال اليومين الماضيين من بداية الاقتراع شهدت مراكز الانتخابات تدافعاً كبيرا من قبل النساء ،وفى الجولة التى قامت بها(التيار) و طبقاً لإفادات مراسليها فى الولايات فان مراكز انتخابية كاملة خلت من الرجال طوال الساعات التى أمتدت فيهاعلميات الاقتراع . و طبقاً لنتائج التعداد السكاني الاخير فانعدد النساء يقل عن الذكور ، إذ يفوق عدد الذكور 20 مليون بينما تمثيل الاناث يساوي 20 مليون ،و لكن طبقاً لسجل الناخبين فان المرأة تمثل 60% من جملة المسجلين. وفقاً لاحصاءات كشف عنها مراقبون فى الانتخابات فان نسبة اقتراع المرأة تراوحت بين 75% الى 80% فى بعض المراكز .و تقول مريم خالد استاذه الانجليزي بالمدراس الثانوية فى حديثها للتيار امس من امام صندوق اقتراع الدائرة 27 العمارات (كنت حريصة على الادلاء فى اليوم الاول وقد اصطحبت معي بنتي و قمت بحث جاراتي على ذلك ،و لم اتحدث اليهن للإدلاء بأصواتهن لمرشح بعينه و لكن كنت حريصة على المشاركة . كنت اشعر بأن علي ان اغير الاسباب التى جعلت المراة تعاني من كل شئ فى حياتها) . لم تكن للمراة فى السودان قضية منفصلة عن قضية الانسان فى بلدها فالاوضاع السيئة و المظالم التى تتعرض لها لم تكن منفصلة عن واقع التخلف الذى يعيشه المجتمع.. لكن بالرغم من ذلك المراة السودانية عرفت بأنها التى تقوم بالدور الاكبرفى ادارة شئون الاسرة ولا يعرف عن امرأة تعيش فى منزل بمعزل عن الاسرة! بل تتولي النساء اعالة 30% من اجمالي الاسر السودانية طبقاً لاحصائية غير رسمية. حينما سألت الاستاذة و الباحثة فى مجال الاجتماع اريج عبد المتعال عبر الهاتف امس عن سر تدافع النساء الى مراكزالاقتراع ضحكت قبل ان تقول: يبدو ان الرجال احسوا بالخطر من ان المرأةاصبحت تقرر مصير المنزل و الآن الدولة ، لكن اريج تعتبر ان قضايا المراة اساسية وملحة جعلتها تهرع ناحية الصناديق و تقول(المراة بطبعها تحب العمل فى اجواء هادئة لها هى تنشد التغيير الآن عبر الوسائل الهادئة) و حينما سألت اريج عن ماهو التغيير اذى تنشده المراة قالت: لقد عانت المراة فى السودان من الحروب ففقدت ابنها وزوجها و اخوتها كما انها فقدت ابسط مقومات الحياة التي تؤمن لها ابراز مهاراتها. خلال السنوات الماضية قاتلت المراة من اجل ازاحة ازمات متلاحقة اجتاحت المجتمع ،فتأثرت الى درجة قصوي بحرب الجنوب الاهلية ولا زالت تتأثر بشكل كبير بحرب دارفور و التى أدت الى النزوح واللجوء ، فضلاً عن القضايا التى تواجها النساء فى سنوات السلم و هى الفقر و انتشار الامية التىترتفع فى اوساط النساء و حالات الوفاة عند الانجاب ،بالاضافة الى قوانين مجتمعية تعتبرها النساء مصادرة لحقوق المراة الى غير ذلك من الاشكالات. ربما هذا هو الوضع فى إجماله لكن ذات المعاني رددتها الاستاذة فتحية بشير الصايم مرشحة قوائم المراة عن حزب الامة الفدرالي بالجزيرة ، وتقول اعتقد ان القضية الاساسية امامي كأمرأة الآن هو تغيير واقع المراة كلياً وبالنسبة لنا فى الجزيرة فان انهيار مشروع الجزيرة تجاوز ابعاده الاقتصادية و أثر فى واقع و حياة النساء ،فهن الآن يعانين من واقع تكاد الاسرة فيه تتفكك فالعائل فقد وظيفته و يكاد الابناء يخرجون عن مسار التعليم ،اعتقد ان المراة هى الاكثر تضرراً مع وضع كهذا. و تضيف فتحية التي عملت فى مجال التدريس لسنوات طويلة :هناك الكثير الذى يجعل المراة تذهب الى صناديق الاقتراع بهذه الكثافة ، لقد حان الأوان لكي نقرر فى قضايا هذه البلاد وان ننظر فى قوانين و سياسات و افكار خاطئة تكبل المراة. نقلا عن التيار 13/4/2010