تحليل فرعي كما شهدنا و شهد السودانيون معهم و كافة دول العالم ، فقد انقضت كامل مراحل العلمية الانتخابية و تبقت فقط النتيجة النهائية دون وقوع أى احدث عنف او فوضي أمنية رغم ان احتقاناً سياسياً بدرجة ما كان يسود فى الساحة السياسة إثر مقاطعة بعض القوى للعملية و تروجيها للفشل . و ما من شك ان أردنا الحديث عن ما يعرف بالمعايير الدولية التى تحدث عنها بعض المراقبين الأجانب ، فان إحدي أهم هذه المعايير الدولية – وقد تجاهلها هؤلاء المراقبين – هو المشاركة الكبيرة و الفاعلة للناخبين ، فالمشاركة هى احدي اهم العناصر المتعارف عليها لقياس العملية الانتخابية ، وقد تم التأكد على نحو قاطع – رغم تباين النسب المئوية – ان المشاركين إجمالاً فاق عددهم نصف الناخبين ، فمركز كارتر قال انهم تجاوزوا ال60% بقليل و المفوضية تحدثت عن أكثر من 70% وبعض المراكز الاخري و المراقبين داروا حول ذات النسبة ، المهم لم يقل أحد حتى الآن ان نسبة المشاركين فى العملية قلت عن ال50% مع مراعاة ان عدد الناخبين هذه المرة و بالمخالفة تماماً لأي انتخابات سابقة منذ الاستقلال ، كبير () مليون ناخب و هذا بدوره بالمقارنة مع عدد السكان فى السودان الذى فى حدود حوالي مليون نسمة يعتبر رقماً كبيراً . هذا من جهة، و من جهة ثانية فان من المعايير الدولية – و نحن هنا نستخدمها وفقاً لمفهومها لدي مبتدعيها – هو قيام الانتخابات فى ظل مناخ مواتي و ليس فيه صراعات ، ولا عمل مسلح و لا اغتيالات أو إصابات كالتي ظللنا نشاهدها فى دول تعتبر أكثر عراقة فى الممارسة الديمقراطية من السودان، و قد كان المناخ الذي قامت فيه هذه الانتخابات معقولاً و مناسباً للغاية ، حيث لم يدعي احد ان السلطة القائمة استخدمت قانون مقيد للحرية ، ولم يشتكي احد من اعتقال جائر ، و لا حصل احد على ما لم يحصل عليه آخر من المفوضية ،و هذه تعتبر واحدة من اكبر مؤشرات حيدة ونزاهة الانتخابات. من جهة ثالثة –وهذا هو الأهم – فان الخروقات التي تحدث عنها البعض رغم انها طبيعية و من المستحيل ألا تحدث فالسودان، فيه عشرات الآلاف من مراكز الاقتراع و فيه عشرات الآلاف من الموظفين العاملين فى العملية ، و مدن و قري و فرقان بعيدة و أصقاع نائية ، رغم كل ذك تتجاوز ما هو معتاد و تثبت قانونياً و من ثم تتأسس عليها إدانة . كل الذى قيل حتى الآن و سمعنا بعضه و قرأنا بعضه ولاحظنا بعضه هى (مجرد اتهامات) لم تثبت أمام هيئة قضائية و لم يصدر بشأنه حكم . و يبقي بعد ذلك ان نشير الى ان أحداً لا يبخس تقارير المراكز المحترمة التى راقبت العملية ، لأن من المعلوم بداهة ان من المستحيل ان تنال العلمية رضا الكل و من المستحيل ان تقضي ايجابيات العملية على سلبياتها ، فشئ طبيعي ان تقع اخطاء و خروقات بسيطة والأهم من كل ذلك ان كافة تقرير المراقبين سواء كان مركز كارتر او الاتحاد الأوروبي او الإفريقي او الدول العربية لم تتضمن و لو تلميحاً الطعن فى نزاهة أعضاء المفوضية ،و هذا ايضاً يدخل ضمن مقاييس المعايير الدولية ،و لئن جري حديث عن الكفاءة ، فالكفاءة هنا تحددها التجربة الجديدة ، فهي تجربة غي مسبوقة و علمية مركبة و معقدة و من الإنصاف محاسبة المفوضية فى الدورة المقبلة و ليس الآن !