قبل أن نتفرغ للتصريحات والاتهامات والاحتجاجات الرسمية فيما يختص ببيان مجلس الأمن وقراره بإعادة التحقيق في فرية اغتصاب 200" امرأة "بتاتب" بشمال دارفور حقا علينا أن نحاسب أنفسنا وأن نراجع استراتيجيات دولتنا إعلامياً وأن نقر ونعترف بقصورها في مجابهة الاتهامات الغربية المعادية للسودان في ظل تربص واضح وصريح من قبل جهات متعددة. تمكن راديو دبنقا من وضع السودان في قوائم الاتهامات الغربية والدولية من جديد.. لأن الحركات المسلحة واليسار السوداني المعارض قد اكتشف خلل وثغرات الحكومة المتمثلة في إعلامها داخلياً وخارجياً الأمر الذي مكن إذاعة واحدة من نسف استقرار دولة بأكملها من خلال اتهام يجافي الحقيقة تماماً في ظل عجز تام لوسائطنا الإعلامية. أنصرف إعلامنا ومؤسساتنا المختصة في نفي التهمة داخلياً ونجحت إذاعة الحركات المسلحة من تحريك المجتمع الدولي وصولاً لمجلس الأمن الذي وجد ضالته في السودان لاتخاذ مزيد من القرارات التعسفية التي تسعى لزعزعة استقرارنا بعقوبات اقتصادية ودبلوماسية ستنعكس سلباً على شكل الحياة في السودان بأكمله. لم تقوي على مواجهة إذاعة واحدة فكيف لنا أن نستعد لمجابهة قرارات مجلس الأمن يا سعادة السفير الأزرق.. إن كانت خططنا وبرامجنا قد فشلت في توضيح الرؤية الإعلامية ودحض الاتهامات خارجياً فهل يتسنى لنا أن "نتعنتر" على بعثة اليوناميد ونستنكر بيان مجلس الأمن ونستجير بالدول الصديقة التي أثبتت التجارب إنها تبحث عن مصالحها فقط والدليل أن كل القرارات ضد السودان في تلك المؤسسة الظالمة خرجت بالإجماع وبتصويت روسيا والصين وغيرهما من الدول التي تسرح وتمرح في بلادنا بلا مقابل. ما زلنا نعاني من خلل في الإعلام الرسمي الذي يقي السودان شر القرارات التي تتخذ نتيجة للتشويش المتعمد من قبل بعض المؤسسات الإعلامية الخارجية لتكون الضحية شاهداً على الحدث في استسلام لا يمكنها حتى من التقاط أنفاسها. قبل أن تدين قرار مجلس الأمن وبيانه الأخير.. لابد لنا أن نجلس سوياً وأن نفكر في كيفية إدارة الملفات إعلامياً لنتمكن من صد الهجمات التي لن تتوقف طالما أن التربص بالسودان واحد من أهداف الصهيونية العالمية. إستراتيجية الإعلام الحكومي تحتاج إلى تكتيك بلغة أهل الرياضة.. وإلى توزيع متقن يطفئ التهم في مهدها ويصد هجماتها بذات الحيوية التي تمكنه من تكوين رأي عام عالمي حول كثير من القرارات والسياسات المنتهجة ضد السودان وغيره من الدول العربية المستهدفة. الآلة الإعلامية سلاحنا لإدارة المعارك الخارجية.. لأن التصريحات والتعجل في إطلاق التهديدات لم يعد يجدي في ظل هالة إعلامية مضادة تسعى لهدم كل الاشراقات التي ظهرت في الآونة الأخيرة. أعيدوا خارطة الإعلام الرسمي.. وضعوا برامج قوية ومتينة تمكنكم من استرداد عافية الوطن وتنفيذ متطلبات المرحلة الجديدة التي تمكن السودان من ترتيب أوراقه من جديد قبل أن يقع الفأس في الرأس. نقلا عن صحيفة الصحافة 23/11/2014م