إن مشكلة دارفور ومشكلة المنطقتين هما من ضمن عدة أسباب لازمة الاقتصاد السوداني. فالمحادثات الجارية في أديس أبابا بين وفد من الحكومة ووفد من الجانب الآخر للحركات المسلحة ليست هي محادثات (سياسية) فقط،بل هي أيضاً محادثات (اقتصادية)، فالحرب في دارفور وفي جنوب كردفان والنيل الأزرق تسبب معاناة اقتصادية كبيرة لمواطني تلكم المناطق وانسحب أثرها إلى بقية مناطق السودان مع مرور الزمن والشكوى المتكررة للشعب السوداني من شظف العيش وصعوبة كسب سبل العيش والنزوح والبطالة كلها من تداعيات النزاعات والتفلتات الأمنية في تلك المناطق التي هي مناطق أساسية للإنتاج الزراعي والنفطي للسودان. وهناك معلومة اقتصادية قد تكون غائبة عن أذهان الناس العاديين وهي ان السودان الذي يمتلك حوالي (200) مليون فدان من الأراضي الصالحة للزراعة تقلص حجم المستغل منها في الزراعة الحقيقية إلى (12.5) مليون فدان بسبب الحروب في الجزء الجنوبي الغربي من البلاد، وأصبح الاستثمار الزراعي والنفطي محصوراً فقط في الولايات الوسطى والشمالية فكيف لبلد يقطنه (32) مليون نسمة أن يعيش على رقعة صغيرة تمتد من وسط البلاد إلى شماله ولا يوجد حل يلوح في الأفق على المدى القريب للعودة السلام والاستقرار أو إسكات السلاح حتى يبدأ الإصلاح، لذا فان مسؤولية السياسيين من هذا المنحى عظيمة ولابد أن المحادثات الدائرة هي محادثات اقتصادية في المقام الأول وينتظر نتائجها جميع أهل السودان الذين صبروا كثيراً لعل هذه المحادثات تجلب لهم السلام والاستقرار وحل مشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية وهم لا زالوا في الانتظار لا حول لهم ولا قوة سوى أسلوب (ننتظر لنرى) ننتظر لنرى ماذا سيحدث في النهاية؟ ان من ضمن معيقات الاقتصاد الكثيرة الأوضاع (السياسية) التي تعيق انطلاقة في كثير من الأحيان وهي للأسف العائق الرئيس في طريق تحسين علاقات السودان بالخارج وحجر عثرة أمام رفع العقوبات الاقتصادية، وإذا كانت هذه حقيقة فما هو الحل المتاح الآن؟ واعتقد ليس هناك حل متاح سوى أن نتفق جميعاً في أديس أبابا نحن أهل السودان لنتجاوز عقبة خلافاتنا وأن لم نفعل ذلك سريعاً فإن حياة (70%) من مواطني تلكم المناطق في خطر وان الأزمة الاقتصادية والمعيشية سوف تزيد من معاناة هؤلاء دون أن يشعر بهم أحد لذلك أنا أعتقد أن محادثات أديس أبابا هي (عقدة) حل المشكلات السودانية وان السودان أكثر من أي وقت فهو في حاجة ماسة لحل هذه العقدة السياسية لمنع زيادة معاناة الناس وإيقاف الصرف الباهظ على فاتورة الحرب والأمن، واعتقد أن الاتفاق أسهل من أي وقت مضى ليصل السودانيون إذا ما قدروا أنهم شعب واحد في وطن واحد وفهموا جيداً ما معنى كلمة (وطن) هو ليس فقط قطعة أرض ذات حدود جغرافية ويسكنها شعب واحد له معبر واحد، بل هو أيضا قطعة أرض تسع الجميع نتفق فيه على بعض الأشياء ونختلف فيه على بعض الأشياء، لكن نحن دوماً نتفق على (حبه) فلماذا إذن لا نتجاوز خلافاتنا لأجل ازدهارنا الاقتصادي نعم هذا أسهل شئ وسوف ننتظر لنرى. نقلاً عن صحيفة الرأي العام 2/12/2014م