فكرة راودت الوجدان السوداني منذ أكثر من ثلاثة أعوام مضت متثاقلة تجرف معها الهمة والإرادة التي اصطدمت بهدير الإمكانات والموارد المقلة حتى أمكن القفز عليها في هذا العام الميمون 2014م الذي سيظل محفوراً في الذاكرة مع إطلالة المهرجان الأول المحفوف بالمصاعب التي تواجه المشاريع الشاهقة في بداياتها؛ ولكنه بفضل الله غادر نقطة الجمود إلى محطات التواصل بقوة إرادة إنسان السودان في اللحظة التي يعانق فيها التجاوب الرسمي مؤازرة الآخرين لتنبثق المساعي إنجازاً كهذا المهرجان الذي احتشدت فيه الأرتال المليونية التي لم تعهدها تلك البقعة القاحلة المتاخمة لأفخم الجبال الحضارية في العالم هذا البركل العملاق وقد حلقت حوله أجنحة المعارض بمختلف ضروب الحضارة الإنسانية والإبداعات البشرية التي تجلت أهميتها في اكتظاظ زوارها من الحضور غير المسبوق. في خضم حماس واسع الطيف في أرجاء ساحة البركل شكلت الرقعة الاحتفائية لوحة تاريخية تحكي إحاطة الجبل الحاني مشرئباً من سفوحه على أحفاد صناع الحضارة العظماء الذين ارسوا قواعد التاريخ. كنا حضوراً في مسرح الاحتفال وقد صعد السيد الرئيس مزهواً إلى منصة التخاطب معلناً عن قيام هيئة دائمة لمهرجان البركل وإيذاناً بإطلاق الرقم (1) على هذا المهرجان حتى تتواصل الفعاليات عاماً بعد عام إيفاءً لهذه الحضارة العريقة اليي ترتكز على أكتاف أعمدة المجد التليد وإفساحاً لفرص البحث والمعرفة لتنهل الأجيال من هذا الإرث الممتد. اللجنة المنظمة أبدت تفاؤلاً عبر الفقرات وأقسام المهرجان على النجاح وقد تضاعفت إرادة القائمين على أمر المهرجان في التواصل والتجويد استفادة من كل الجوانب السالبة والثغرات والهفوات وتحويلها إلى إيجابيات ترفد المهرجانات القادمة ولاشك أن صعوبة التنظيم تكمن في البدايات كتجربة مستحدثة تتطلب جهوداً مضنيةً خاصة أن الموارد المأمولة من الجهات الرسمية لم تكن في متناول لجنة التنظيم وهنا يأتي الشكر والعرفان مضاعفاً لكل من ساهم من القطاع العام والخاص في تمويل هذا المهرجان الفخم الذي حقق تظاهرة جماهيرية ثقافية واجتماعية وسياحية وتاريخية لم تشهدها بلادنا في كل المهرجانات السابقة حيث شكلت حضوراً لرفع التمام أمام جبل البركل هذا الرمز السرمدي العظيم . القائمون على أمر هذا المهرجان يستحقون التقدير والتجلة من كل من حضر وشاهد وشارك حتى أصبح السودان والعالم تعلوهم الدهشة والإشادة بهذا الجهد الذي يرسي للعالم حجر الأساس بفعاليات حضارية وسياحية عريقة متواصلة وحتماً سيحوز المهرجان لاحقاً على كل الدعم والمساندة الحقيقية من الداخل والخارج. كان طوافنا الصحفي سابقاً حول الفكرة قبل أن تتحول إلى واقع مذهل وقد اقترحت في حينه متزامناً مع افتتاح مدينة كريمة الرياضية المتاخمة للبركل أن نعمل على مصاحبة المهرجان بدورة رياضية جامعة تضفي رواجاً عليه وتحقق ضغطاً جماهيرياً يدفع بوتيرة الحضور المكثف لفعاليات المهرجان إمعاناً في إنجاحه جماهيرياً وأرجو أن تحظى مناشدتي قبولاً لدى أولي الأمر في المهرجانات التالية حتى يصبح جبل البركل مركز جذب دائم لكل أنماط المجتمع السوداني والعالمي فقد تشبع الوجدان السوداني بجرعة عالية من التثقيف المطلوب والتوعية والتبصير بماضينا مروراً بحاضرنا واستشرافاً لمعاني مستقبلنا الزاهر. نقلا عن صحيفة ألوان 10/12/2014م