من المهم جداً أن ينتبه الجميع الى الوضع في دارفور عموماً ووصفها حين أجريت الانتخابات العامة مؤخراً، ذلك أن هذا الإقليم الذائع الصيت دولياً كونه الإقليم الذي يشهد كوارث إنسانية وفيه اخلالات أمينة ظل مستقراً، وتمضي فيه الحياة – عموماً – بصورة عادية منذ حوالي عام تقريباً وهو ما دعا القائد السابق لليوناميد الجنرال مارتن لوثر أقواي للشهادة باستقرار الأوضاع فيه في تقرير ضاف قدمه لمجلس الأمن قبل أشهر قلائل، ثم تبعه رئيس البعثة المشتركة ليشهد بذات الشهادة . فالإقليم على وجه الإجمال مستقر وهادئ الا من خروقات هنا وهناك تقع من حركة د. خليل تارة وتارة أخرى من حركة عبد الواحد ولكنها لم تصل حد القلق. ولهذا فان كافة مراحل العملية الانتخابية جرت في هدوء وسلاسة، الأمر الذي لم تتوقعه كافة الجهات الدولية وكلنا رأي ولاحظ كيف أن الاتحاد الأوروبي وقبيل الانتخابات عمل على سحب المراقبين الموفدين من قبله من الإقليم بزعم أن الإقليم غير آمن ولكنه على الرغم من ذلك فان الانتخابات جرت دون أن تسجل أي خروقات أو أعمال عنف أو حتى اختلالات أمنية بسيطة وساهمت قوات اليوناميد وبعض المنظمات الطوعية الأجنبية في مراقبة العملية ودهشت للاستقرار الكبير الذي ساد الإقليم. ولهذا فان إجراء انتخابات عامة في إقليم يتحدث عنه الإعلام الأجنبي بكونه إقليم مضطرب هو في حد ذاته حدث يستحق وقفة وتأمل، اذ لسنا مكلفين بحال من الأحوال للدفاع عن السودانيين أو السلطة القائمة التي تحكم البلاد ولا نحن في موقع المداراة عن إشكالات وتعقيدات سبق وأن وقعت في الإقليم أيام الاحتراب، أننا فقط نلفت الانتباه إلى الواقع على الأرض باعتباره خير دليل وشاهد على الحقيقة المجردة، فإذا كان ما يقال عن إقليم دارفور بالطريقة التي ظللنا نسمعها في أجهزة الإعلام الخارجية بالبشاعة التي تقال لاستحال تماماً إجراء عمليات تسجيل الناخبين دعك من إجراء انتخابات وعمليات اقتراع وحراسة صناديق، وتسجيل معدلات عالية للناخبين وتدافعهم الملحوظ للتصويت، وقد شهدنا كيف استطاع حتى ساكني المعسكرات ان يدلوا بأصواتهم في أمان واستقرار. هذه الحقائق ينبغي على المجتمع الدولي – ان كان جاداً في مساعيه لحل الأزمة – ان يضعها في اعتباره، فالحقائق على الأرض خير معين على معرفة حقيقة ما هو جار الآن في هذا الإقليم. كما أن توجه أهل دارفور نحو صناديق الاقتراع وتسجيلهم لنسبة مشاركة عالية واختيارهم لمن يمثلونهم مركزياً وولائياً فيه دلالة على أن الحركات الدارفورية المسلحة – وأن كانت تزعم التحدث باسم أهل دارفور – وتزعم انها تحمل قضيتهم الا أنها في الواقع ليست كذلك لأنها لو كانت كذلك لقاطع أهل دارفور العملية الانتخابية طالما أن حركاتهم المسلحة ليست مشاركة فيها، وعلى هذا الأساس فقد اتضح للكل وزن هذه الحركات المسلحة الأمر الذي ينبغي أن يكون نبراساً هادياً للمجتمع الدولي حين يتعاطي الشأن الدارفوري مستقبلاً!