الدعم المستمر من دولة جنوب السودان بعد انفصالها هو حقيقة يعلمها البعيد والداني ولم يتفاجأ بها أحد، بل هو دعم أعلن علي لسان الرئيس سلفاكير في خطابه الشهير المسجل الذي شهده العالم ومعظم قادة الدول بإعلان استقلال دول جنوب السودان حيث قال بالحرف الواحد "لن ننسي اخواننا بدارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق" وها قد أوفي سلفا بوعده، ولازال يدعم الحركات الدارفورية والجبهة الثورية، هذا الدعم الذي شجع هذه الحركات علي عدم الانصياع لكل دعوات السلام والحوار من الحكومة وحتي الأطراف الإقليمية والدولية، وذلك بعد أن وفرت لها جوبا المأوي والعتاد والسلاح متجاهلة النداءات والتحذيرات من الحكومة السودانية من الاستمرار في تقديم هذا الدعم إلا أن حكومة سلفاكير تضرب بكافة الاتفاقيات والنداءات عرض الحائط وتمضي في دعمها اللامحدود. إلا أن نار دعمها لهذه الحركات أصبحت تشتعل داخل الأراضي الجنوبية حيث انعكست إلي حرب أهلية تهدد استقرار الدولة الوليدة إذا لم تعصف بها حتي الآن كما جاءت تقارير الخبراء والمحليين الذين أصبح تخوفهم واقعاً بعد اندلاع الحرب الأهلية القبلية بين الحكومة وقبيلة الدينكا والمعارضة بقيادة دكتور رياك مشار آخر هذه التقارير جاء من منظمة الأزمات من مقرها بالعاصمة البلجيكية بروكسل حيث تقول إن الحركات الدارفورية والجبهة الثورية متورطون في الصراع بدولة جنوب السودان حيث كشفت المنظمة أن تلقي الجبهة الثورية الدعم من دولة جنوب السودان ظل مستمراً منذ ما قبل الانفصال وحتي الآن وأشار التقرير إلي أن القتال بين الأطراف بجنوب السودان امتد بسرعة إلي ولاية الوحدة بسبب انضمام متمردي دارفور إلي جوبا معتبراً، أي التقرير أن العناصر الدارفورية باتت تمثل تهديداً رئيساً لتلك الولاية لجهة تركيزها علي القتال في المدن الكبرى والمنشآت النفطية. وقالت المنظمة أن اتفاقية التعاون بين السودان ودولة الجنوب بعد الانفصال لم تحقق الاستقرار بالمنطقة وان مساعي المنظمات الإقليمية للتوسط جميعها باءت بالفشل نسبة للمصالح التنافسية بين الأطراف المتنازعة في الوقت الذي لم تستثمر فيه القوي الخارجية بشكل كاف لحل النزاعات محذرة فصل الخريف الأمر الذي يتطلب استراتيجيات جديدة في اتجاهات متعددة للحد من التدخل الأجنبي وتقليل نشاط الجماعات المسلحة عبر الحدود والحد من إمدادات الأسلحة إلي الأطراف المتنازعة للتعرف علي كيفية تمويل النزاعات واقتراح تدابير لوقف استخدام عائدات النفط لتمويل الحرب. كما دعت المجموعة الدولية إلي تنسيق جهود الوساطة لمشاركة أكثر فعالية من قبل مجلس الآمن خاصة الصين والولايات المتحدة والاستفادة من نفوذهما الإقليمي بالغ الأهمية، كما اعتبرت المنظمة في تقريرها أن الوضع بدولتي السودان قابل للاشتعال فالقتال الذي اندلع بدولة جنوب السودان بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة بقيادة دكتور رياك مشار منذ أكثر من عام بسبب الفشل في حل النزاع بين الحركة الشعبية والجيش فضلاً عن اندلاع الحرب بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، هذا تقرير المنظمة الدولية، ولكن يبقي السؤال هل تعي جوبا هذه المخاطر من دعمها؟.. وتقدم مصلحة جنوب السودان علي الصراعات الانتقالية؟ "الصحافة" اتصلت بالخبير والمحلل الأمني الفريق جلال تاور الذي قال: تقارير هذه المنظمة تأتي وفق معلومات متسلسلة ومتابعة دقيقة للأحداث وهذه المنظمة أيضاً قبل سنوات تنبأت باندلاع أحداث المنطقتين وقد حدث، أما مسألة الدعم الجنوبي لحركات التمرد المسلح السودانية في الحقيقة هناك جملة من الاتهامات المتبادلة بين الجانبين حيث تتهم جوبا، السودان بدعمه للمعارضة المسلحة الجنوبية وكذلك لخرطوم تتهم جوبا، وأن صحت المعلومات فالأمر خطير وإذا بحثنا في الحل فهو ترسيم الحدود وإقامة قوات مشتركة للسيطرة علي هذه الحدود وبسط الأمن كي لا ينجر البلدان إلي حرب لا طائل لها سوي الدمار وتوقف عجلة التنمية. نقلا عن صحيفة الصحافة 1/2/2015م