مانشيتات صحف أمس – مقروءة معاً تصبح خبراً واحداً معيناً! خبراً عن المعركة العسكرية على الحدود بين الشمال والجنوب.. والتي تقع مباشرة بعد الاستفتاء والتي تعني.. دولتين والتي تشارك فيها دول بيضاء وسوداء ومنذ الآن!! ومانشيتات صحافة الأمس تصبح هي التفاصيل للخبر هذا وصحيفة (الأخبار) (المهدي يلتقي بحركة العدل والمساواة) لإشعال دارفور مجدداً.. و(الأحداث) (مئات القتلى على الحدود في المعارك بين الشمال والجنوب). و(الرائد) (خطة إسرائيلية تهدد حوض النيل) و(آخر لحظة).. (أسلحة أمريكية للجنوب عبر الأجواء العربية) و(صحف أجنبية) (جنوب السودان ينهمك في شراء الأسلحة) والانتباهه – (دول المنبع للنيل تتجه لإلغاء اتفاقية النيل) والرائد – (لقاء للشعب والعدل والأمة بالداخل للاضطرابات) وآخر لحظة (فضيحة أسلحة جديدة لحكومة الجنوب) والمقالات في الصحف كلها تصبح وكأنها مقال واحد يكتب على الحائط ذاته ومقال في الانتباهة (الخطر يأتي من هناك) من جنوب النيل حيث الخزان والانتباهه – (انقلاب دول حوض النيل وراءه إسرائيل) وخبير تركي (أجندة خارجية وراء رفض المعارضة السودانية للانتخابات) وخبير (كارتر والمراقبون الأوروبيون يطعنون في الانتخابات ثم يقبلونها لأن ما يهمهم هو الوصول إلى الاستفتاء- الذي يفصل الجنوب) وخبر (تحويل مائة مليون دولار من تبرعات نازحي دارفور إلى إسرائيل) و.. و.. و.. والإذاعات ما بين الهولندية واللندنية تجعل المعركة الحدودية هذه معكرتها هي.. ولندن تجعل خبرها الرئيس أمس (بداية المعارك بين شمال وجنوب السودان). والصياغة - والإذاعة العجوز الأخيرة قديمة في استخدام الصياغة للتضليل الضيق- تجعل المعركة معركة (حدودية) بين دولتين.. وهولندا مثلها وأسلوب استقبال لندن للنبأ هذا يجعل الذاكرة السودانية تستعيد استقبال لندن لخبر سوداني عام 1970 خبر مقتل الإمام الهادي وحين قتل الإمام الهادي خرجت صحف بريطانية بمانشيت ضخم يقول (مقتل المهدي في السودان) وفي التفاصيل تقول الصحيفة (هذا خبر تأخر مائة عام – فلو أنه جاء عام 1884 لرقصت الملكة وقلبت الهوبة وحطمت عظامها النحيلة).. والملكة يومئذٍ تستقبل مقتل غردون وليس المهدي لكن نبأ الاشتباك بين الشمال والجنوب يستقبله الإعلام البريطاني بالرقص أمس لأنه نبأ يتخطى مجرد الاشتباك العسكري إلى إشارة تجعل (قيام دولة جنوبية لها حدود) أمراً واقعاً تقوم عليه الأحداث.. الأحداث كلها وأخبار (باردة) لا معنى لها مثل قيام اليونيميد بتشييد معسكرات ثابتة الآن يصبح خبراً له معنى خطير جداً فالقوات (المؤقتة) هذا والتي كان يفترض أن تظل طوافة تحمل حشايا النوم فوق عرباتها هي قوات تشرع الآن في إقامة مساكن ومطارات حربية وبأحجام هائلة جداً وبعطاءات دولية!! وبرام وعد الفرسان وخور برنقة والقريضة وهبيلة وحسكنية وكاس وكرمة وكتم ومهاجرية ومكجر وصليعة وطويلة ومئات القرى فيها الآن مساكن من الأسمنت الحجر للقوات هذه ثم مطارات تجاور القرى هذه والمهندسون ينظرون إلى تصميم المطارات ويجدون أنها تعد لاستقبال طائرات النقل الحربية الثقيلة (خمس مطارات) ثم (24) مطاراً لطائرات الهيلكوبتر و.. و.. وشيء ما يجري الإعداد له.. الإعداد تحت الأرض الأنباء الصامتة إذن والمصطرخة.. كلها أشياء تنجب الأسئلة المقلقة ومنها. كيف ولماذا اجتمعت كل هذه الأخبار.. بصفاتها هذه في أسبوع ومنها السؤال عما جعل السودان يبدو الآن.. وفجأة.. منتجعاً رائعاً لوفود لا تنتهي.. أوروبية وأفريقية.. وكلها تأتي تحت الأرض.. تهمس وتتلفت!! و..ومنها.. ومنها لكن – كذلك- هذا كله.. وبأسلوب قشرة البصلة التي تحتها قشرة.. كل هذا يجعل الدولة التي تبحث عن بوصلة لتشكيل الحكومة القادمة.. تجد البوصلة هذه البوصلة التي تتجه إلى – الخطر.. والدولة تجد أن ما يجذبها الآن هو بوصلة السندباد والسندباد في البحر يجد أن جبلاً من المغناطيس... وسط البحر.. يجذب سفينته بطريقة غريبة الجبل لم يكن يجذب (السفينة) بل الجبل كان يجذب كل (مسمار) في السفينة والسفينة تصبح فجأة كومة من الخشب الذي لا يمسكه شيء – وتنهار وسط البحر والصفة الأعظم لجبل المغناطيس الذي يجذب.. ويقوم بتشكيل.. الحكومة الجديدة هي أنه لا يدع لأحد خياراً والموقف كله يوجز في عبارة تقول أن (الأحزاب فشلت والعمل الدولي فشل والآن الضربة تأتي من الاستفتاء ومياه النيل) ومطلوب حكومة يكون برنامجها هو عبور هذا.. وهذا ************** بريد أستاذ اسحق. أنا (ف.أ.أ) ضابط بالمعاش.. هجرت الجيش إلى المعارضة.. داخل وخارج السودان وكنت أحد أركان انقلاب مبارك الفاضل... و... الآن لا أعرف إلا الأذكار والمسبحة وأكتب إليك لأتوسل عبر قلمك لكل من آذيته بشيء في حياتي كلها – أن يعفو ويصفح..!! نقلاً عن صحيفة الانتباهة 27-4-2010م