والخرطوم تستقبل زيناوي الشهر الماضي وسيطًا لعقار.. ويجلس للحوار.. { لكن الحوار الحقيقي كان شيئاً يجري بين جهتين لا يعلم بوجودهما إلا القليل جداً. { الحوار كان يجري بين ملفات عقار السرية.. وملفات الخرطوم السرية. { والخرطوم كانت ترصد الأحداث الصغيرة والأحاديث الصغيرة وتعرف أن عقار يُعد للحرب. { وعقار يرسل زيناوي للخرطوم وسيطًا «للسلام» { لكن ملفات الخرطوم تكتب { «عقار يريد أن يعيد توزيع قواته بحيث تتخذ تشكيلاً قتالياً.. ولما كان يعرف أن الخرطوم سوف ترى ذلك لهذا كان يرسل زيناوي وسيطًا.. حتى إذا شرع في تحريك قواته استطاع مخادعة الخرطوم بأن ما يجري عسكرياً هناك ليس أكثر من مناورات لدعم المحادثات. وأنه ليس وراءها شيء.. بينما حقيقة الأمر كانت هي.. الإعداد للقتال» { كان هذا هو تفسير الخرطوم.. وكان التفسير صحيحاً. {وعقار يحادث الوفود ويعلن أنه لا يذهب للحرب إلا أحمق. {وملفات الخرطوم تسجل أن عقار.. منتصف رمضان هذا كان يحتفل بتخريج ألف مقاتل تابع للحركة الشعبية. { ويوم احتفال آخر بتخريج دفعة للدفاع الشعبي عقار ينظر بغيظ إلى وزير حكومته «منهل» وهو «يعرض» ليقول له : إن شاء الله راح تعرض برا الدائرة. { وكان يعني شيئاً.. والخرطوم تسجِّل {وعقار الشهر الماضي يقيل كل مديري الوزارات.. ويجعلها خالصة لأعضاء الحركة الشعبية.. {والخرطوم تسجل { و.. و { لكن مالا تقوم بتسجيله حتى ملفات الخرطوم كان أشياء «لا تصلح للكتابة» { وبعضها كان هو الخطة الكاملة لاحتلال وفصل جنوب النيل الأزرق والتي ترقد في منزل الوزير «د.» الآن معتقل { والخرطوم ترصد منازل معينة ظلت تستقبل الأسلحة هناك { والخطط والتحركات { وحتى فلتات اللسان كانت تصبح فواصل وحركات إعراب للحديث كله وعقار حين يحدثه وفد «اتحادي» عن الوطن الواحد والرب الواحد يشير إلى الجبل القريب ويقول: ربي أنا هو الجبل دا {وفي الأنس كان عبور العربات بالخزان هناك يجعل الحديث يستعيد كيف أن عقار كان يعمل أمين مخزن.. لشركة مولم.. التي تقوم بالتنفيذ أيام العمل في الخزان هنا والرجل يختلس المعدات والزيوت وعند محاكمته يهرب ويلتحق بالحركة الشعبية. {مثلما التحق الحلو بالحركة الشعبية بعد نهب أموال أخرى. { مثلما التحق عرمان بالتمرد بعد اغتيال زميله بالجامعة. { والثلاثي هذا يصبح هو قيادة قطاع الشمال { وأوراق الخرطوم التي تسجل وتسأل وتجيب بحثاً عن معاني الأشياء. { تسجل { عقار.. «يسب الدين» وعلنًا.. وفي المطار لأحد المسؤولين هناك.. والرجل يرتجف صامتاً { الإجابة تكشف أن المسؤول هذا هو من قام باختلاس ضخم { وأنه.. وهو الذي لا يصلي.. يستقبل بيته الكجور صباح مساء { والخرطوم تسجل أن قصر عقار يصبح «ماخوراً» غريباً كل ليلة وملفات الخرطوم التي تعرف أن عقار «حصور» وبعد أن فعل به أحد ضباط الحركة الشعبية مافعل تتساءل عن السبب { وتجد إجابة «بعضها» هو أن الرجل يجعل قصره يقوم بمهمة شبكة العنكبوت لاصطياد الذباب. { وهكذا كان عقار يأتي «باثنين وسبعين» مستشاراً لحكومته {وأكثرهم ممن لم ينجح في شيء آخر {وأحدهم .. حين يحصل في بعض الانتخابات على صوت واحد.. يجعله عقار مسؤولاً كبيراً جداً { والرجل «وعبقرية الخرطوم الغريبة تعمل» حين تقوم حكومة الخرطوم بتعيينه في منصب مهم هنا ينطلق إلى عقار ويصبح أشهر من يدعو «لتقرير مصير دولة الفونج» والخرطوم تسجل «2» { كل شيء كان معروفاً وبدقة ولسبب بسيط وهو.. أن من يمد الخرطوم بالمعلومات كان هو أقرب المقربين لعقار { والمعركة تبدأ { وفي ساعتين كانت القوات المسلحة تحاصر خمسة أحياء من مدينة الدمازين هي كل ما يملكه عقار. { وما لم يعلن حتى الآن هو أن قائد قواته «والذي كان يدعو لطرد العرب» بندر قُتل.. قتله بعض أعضاء الحركة الشعبية ممن ذاقوا أنياب الخرطوم ولا يريدون إعادة تجربة الحرب. { وعدد من الوزراء يُعتقل { ولم يُفاجأ أحد في الخرطوم بالمعركة فالصفحات الأخيرة من ملفات الخرطوم كانت تسجل أن { عقار يسحب وزراءه خارج الكرمك وأسرهم.. وبعض الأثرياء {وكتيبة من الجنوب تتحرك تجاه الدمازين. { وأربع طائرات هلوكبتر يصدر الأمر لطواقمها بالتوجه إلى الكرمك من جوبا. { وأربع عربات محمّلة بالأسلحة تدخل من المنطقة الصناعية وهو طريق غير مألوف .. وحين ترفض التوقف «يبيدها» الجيش { في الساعة ذاتها كانت أربع عربات تحمل «راجمات» تتجه إلى الخروج.. وترفض التوقف «ويجري التعامل معها».. الخرطوم كانت تشرع في تنفيذ الرد المخطط. { ودوي الاشتباك يجعل الكتائب التي تسللت من الحركة الشعبية إلى داخل الكرمك تحمل السلاح. { لتفاجأ بالصاعقة!! فالخرطوم التي كانت تعرف.. وضعت في كل زقاق ما يكفي { والكرمك التي يلجأ إليها عقار الآن ما يجذبه إليها هو أن «السودانيين» كانوا قد أخلوا كل الكرمك منذ سنوات وفي الدمازين أقاموا أحياء جديدة منها «حي القسمة» { وعقار الذي كان «حسب الخطة التي ترقد فوق مكاتب الخرطوم» ينتظر إشعال جنوب كردفان في اليوم ذاته/ حتى يشتت جهود الخرطوم/ يفاجأ بالخرطوم وهي تشغل جنوب كردفان بشيء آخر في اليوم ذاته. { وفي ستة أشهر من هذا العام المبارك.. مبارك عدو الخرطوم طار.. والقذافي طار وبن علي طار والحركة الشعبية طارت و.. و.. والآن عقار طار.. {والمسكين ليس عقار { مسكين الصادق المهدي «3» { والقوات المسلحة ظهر أمس تقوم بتطهير الكرمك . { وعقار إلى إثيوبيا { وآخر الدمامل يُبتر { بقيت دمامل الخرطوم.. نقلا عن صحيفة الانتباهة السودانية 4/9/2011م