ربما تحدد الانتخابات النيجيرية المحفوفة بالتوتر، والمقرر إجراؤها في 28 مارس الجاري بعد تأجيلها مرة واحدة، تصورات المستثمرين والزعماء الأجانب حول ما إذا كانت الديمقراطية قد ترسخت في أفريقيا. وباعتبارها أكبر دول القارة من حيث عدد السكان، وحجم الاقتصاد وإنتاج النفط، فإن سلوك نيجيريا أثناء وبعد الانتخابات يتم رصده عن كثب. فهذه الدولة التي تقع في غرب أفريقيا لم تشهد انتقالاً سلمياً للسلطة بين الأحزاب منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1960، مع تولي حزب «الشعب الديمقراطي» السلطة منذ العودة إلى الحكم المدني في 1999. ويواجه حزب «الشعب الديمقراطي» أصعب منافسة على الإطلاق بعد اندماج أحزاب المعارضة في 2013 للإطاحة بالرئيس جودلاك جوناثان. وفي هذا السياق، ذكرت «ليندا توماس جرينفيلد»، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، «هذه الانتخابات ستمثل الريادة للقارة بأكملها. إن العالم والقارة والدول المجاورة لنيجيريا تترقب هذه الانتخابات». وقد أجلت السلطات الانتخابية هذه الانتخابات قبل أسبوع من الموعد المقرر لإجرائها في 14 فبراير، بناء على طلب من مستشار «جوناثان» للأمن «سامبو داسوكي» الذي أكد أن الجيش منخرط في التصدي للتمرد الإسلامي في شمال شرق البلاد من أجل المحافظة على سلامة الناخبين. وحذرت جماعات للحقوق المدنية من خطر حدوث أزمة دستورية حال تأجيل الانتخابات مرة أخرى أو إلغائها. وأدت هذه الحالة من عدم اليقين السياسي، علاوة على الانخفاض في أسعار النفط، إلى هبوط قيمة العملة بنسبة 18% مقابل الدولار خلال الستة أشهر الأخيرة. وأشار «محمدو بوهاري»، وهو قائد عسكري سابق يهدف إلى الإطاحة بجوناثان، إلى أن الانتخابات لها «آثار كبيرة» خارج الحدود النيجيرية، وتعد اختباراً لقوة مبدأ أن الناخبين باستطاعتهم تغيير الحكومات دون إثارة العنف. وأضاف في كلمة ألقاها في المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن أن «التداول السلمي للسلطة من خلال انتخابات تنافسية قد حدث في الآونة الأخيرة في غانا والسنغال وملاوي وموريشيوس». واستطرد «إن آفاق تعزيز الديمقراطية في أفريقيا ستكون أكثر إشراقا عندما يحدث هذا في نيجيريا». ومن المقرر أن تجري ساحل العاج، أكبر منتج للكاكاو في العالم، الانتخابات الرئاسية في أكتوبر، وهي الأولى بعد الاقتراع الذي شهد نزاعاً في 2010، بعد أن رفض الرئيس في ذلك الوقت «لوران غبابو» الاعتراف بالهزيمة أمام زعيم المعارضة «الحسن واتارا». وأعقب ذلك نزاع استمر خمسة أشهر وأودى بحياة 3000 شخص على الأقل. ومن المقرر أن تجري «بوركينا فاسو» انتخابات رئاسية وبرلمانية في 11 أكتوبر، بعد نحو عام من الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد وأطاحت بالريس «بليز كومباوري» بعد 27 عاما في السلطة. وقد تم تعيين رئيس انتقالي بعد فرار كومباوري إلى ساحل العاج. وذكر «جيسبر كولين»، محلل سياسي، أنه في حين أن العوامل الداخلية هي الدوافع الرئيسية لخطر اندلاع الاضطرابات المدنية في دول مثل غينيا وتوجو، اللتين ستجريان انتخابات أيضا هذا العام. وقد أعقب الانتخابات النيجيرية، التي أجريت منذ أربع سنوات وحصل فيها جوناثان على 59% من الأصوات، أيام من الشغب قتل أثنائها مئات الأشخاص، معظمهم من الشمال، وفقا لمنظمة هيومان رايتس ووتش. في بلد منقسم تقريبا بين الشمال المسلم والجنوب المسيحي، تحولت المظاهرات إلى عنف طائفي وعرقي، حيث استهدف مؤيدو بوهاري من المسلمين السكان المسيحيين والجنوبيين، ما دفع إلى وقوع هجمات انتقامية. وأكد كولين «عندما يتطلع الناس إلى انتخابات لائقة، فهم ينظرون إلى غانا وبوتسوانا، فهذه هي الدول التي يحترمها الناس. بينما ينظر الناس إلى نيجيريا، ويتوقعون نشوب اضطرابات». وقد اشتد التوتر كثافة مع صراع الجيش لاحتواء تمرد جماعة بوكو حرام الذي دام ستة أعوام. وقد امتدت حملة الجماعة لفرض الشريعة الإسلامية على الدولة إلى الدول المجاورة، ومن بينها تشاد والكاميرون، ما أودى بحياة 15000 شخص منذ 2009، وإجبار قرابة مليون نيجيري على الأقل على ترك منازلهم. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس» المصدر: الاتحاد الظبيانية 12/3/2015م