من الناحية القانونية والسياسية فان المؤتمر الوطني ورئيسه البشير الأحق – وحده- بتشكيل الحكومة الجديدة التي يتعين عليها ادارة دفة الأمور للمرحلة الصعبة المقبلة غير أن البشير وبقية قادة المؤتمر الوطني وعدوا الناخبيين السودانيين بتكوين حكومة ذات قاعدة عريضة وهي حكومة تعني اشراك قوي سياسية عديدة فيها بالنسبة التي يحددها المؤتمر الوطني وهي أيضاً حكومة تختلف في وصفها السياسي والقانوني عن ما يسميه البعض حكومة قومية فمصطلح حكومة قومية يبدو مصطلحاً عاطفياً أكثر من كونه مصطلحا سياسياً واقعاً وربما كان المقصود منه حكومة لا تكون فيها الغلبة لحزب من الاحزاب. وعلي أية حال فان مجرد التزام المؤتمر الوطني بحكومة موسعة أو ذات قاعدة عريضة سواء قبلت بعض القوي السياسية بما تناله من نصيب أو أحجمت لهذا السبب أو ذاك فهي حكومة ضرورية جداً في ظروف السودان ومعطياته الماثلة ذلك أن المؤتمر الوطني وان كان هو صاحب الحق ولديه خبرة جيدة بما ظل يتعاطي معه واقع سياسي سوداني الا أنه – للانصاف- في حاجة الي اشراك أكبر قدر من القوي السياسية معه لأن المرحلة التي يمر بها السودان تقتضي ذلك. وقضية الحكومة العريضة والتي تتشبه بقدر ما مع الحكومات الائتلافيه التي ظلت تتشكل في العهود النيابية السالفة لها جذورها في الممارسة السياسية السودانية نظراً الي صعوبة انفراد حزب واحد فقط بادارة بلد يمثل مشاكل وقضايا السودان. ومع صعوبة التسليك بموافقة كافة المكونات السياسية في الحكومة المرتقبه سواء لغضب أو شعور بالهوان جزاء النتيجة فان مصادر علمية قالت هاتفياً ل(سودان سفاري) ان المشاورات قد قطعت شوطاً بعيداً في هذا الصدد ويشير الي أن المشكلة انحصرت فقط في مخاوف تنتاب بعض هذه القوي من أجل تتعرض للوم قوي أخري كانت حليفتها في المعارضة وتريد كل قوة سياسية أن تطمئن الي مشاركة البقية. وفي دوائر القوي السياسية المختلفة حتي التي قاطعت العملية الانتخابية فان رغبة المشاركة ملموسة وواضحة وقال لنا مصدر قيادي مهم في احد الاحزاب التقليدية المعروفة ان المشاركة تبدو مهمة حتي يتمكن الحزب من الوجود والتنفس في مناخ عملي في الساحة لكي يستطيع – بصورة أو بأخري- المكافحة من أجل البقاء! وتتزداد أهمية الحكومة العريضة اذا علمنا أن السودان يواجه قضية مصيرية ليست محل خلاف بين قواه المختلفة وهي قضية الوحدة أو الانفصال لجنوب السودان. هذه القضية ليست نزهة ولا تهم حزب واحد حتي ولو امتلك قدرات كبيرة كما أن الوقت المتبقي يمنح الفرصة لعمل ايجابي يضمن علي الاقل عدم وقوع مشاكل تعيد الجميع لمربع الحرب أو المشاكل الناتجة عن الاستفتاء. ومن هنا تتعاظم أهمية حرص القوي السياسية علي المشاركة في هذه الحكومة اذ أن أكثر ما ظل يضر بهذه القوي السياسية أنها لا تملك جماهير حقيقيه وفي الوقت نفسه تعاف المشاركة مع خصومها فحالها هذا كحال الذي لا يملك مالاً ويحلم باقتناء قصر مضيف غير راضٍ بأن يسكن في احدي الغرف!! فاما القصر كله أو المبيت في العراء!