ظللت ولمدة يومين أرصد ردود فعل قادة المعارضة الحزبية على الخطوة التي أقدم عليها الرئيس بالقبول والدخول في الحلف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن ومن خلفهم إيران. حتى في المباريات الدورية الحساسة التي تلعب والكأس موضوع على الطاولة لا تستطيع أن تنفي أن غريمك قد أدخل هدفاً ملوباً ومحسوباً استفاد فيه من قراءته للملعب وذلك بكل طاقته ووضعها في الكرة وقذفها ليحرز بها هدفاً. قرأت حوار ياسر عرمان وأجوبته على الأسئلة الخاصة بموضوع عاصفة الحزم والموقف الحكومي منها فكانت إجابات أقرب للمكاواة الطفولية منها للأجوبة المنطقية التي تمسح الواقع جيداً وتصوره وتلتقطه وتعبر عنه من بعد. بيان الصادق المهدي أثبت أن الرجل محلك سر .. في داخل الرجل غبن قديم من السعوديين وغبن جديد من الحكومة غلفهما وأخرجهما في شكل بيان .. بيان عكس قصر نظر الرجل ومنهجه في التعاطي فلا تعرفه ماذا يريد أن يقول ولا تعرفه إلى أي المسارات يريد أن يعبر. سياسيون آخرون مذهولون حتى الآن لا يريدون أن يغلقوا فمهم من هول المفاجأة .. فموقف الرئيس نقل الملعب السياسي كلية ليس من الشمال إلى اليمين فقط ولكن في كل ركن من أركانه، وفي الحقيقة فإن الخرطوم كانت تنتظر الفرصة لتقفز من الحائط الإيراني التي دبغت بموالاته كثيراً والعودة بالسودان إلى وضع تحالفاته الطبيعية التي ظلت السعودية صرة ذلك التحالف على مر التاريخ. من يقول للمعارضة التي تنظر سلباً للخطوة بأن المنن في طي المحن وأن (الإمساك) و (حبس البول) الذي لازم الوضع السياسي الآن يمكن تجاوزه وعلاجه إذا ما التقطنا القفز بصورة موجبة وأدرنا الأحداث من رأسها وتركنا عادة جرها من ذيلها. لقد جربنا التطواف بملف الصراع السياسي الداخلي في كل بقاع الأرض من لدن أبوجا ونيفاشا ومشاكوس وأديس أبابا وبرلين وباريس فلم نزد الجراح إلا تقيحاً ولم نزد العير إلا رهقاً فاستطلنا السفر ولم تلح في الأفق صنعاء. التسوية الداخلية التي توقفت فجأة كانت تحتاج أصلاً لضامن أخلاقي تتوافر فيه شروط الثقل والثقة والقبول والارتياح من قبل كل الأطراف .. على المعارضة الآن الاصطفاف خلف هذا الحلف وأن تصدر وبشكل واضح تأييدها ودعمها له ليس تملقاً ولا تزلقاً ولكن لأنه جزء مما تنادي به من إشراك الأسرة العربية في حل مشاكل البلدان الداخلية، ولأن السعودية تخوض حرباً عادلة لحراسة أمنها وحماية بلد شقيق أضعفته الأنواء الداخلية ثم بعد الانتهاء من ملف الحوثيين يستطيع كل الفرقاء السودانيين الجلوس في الرياض وطرح ملف الخلاف وأنا على ثقة أن المفاهمات والتقارب بين الملك سلمان والبشير من جهة، وتفهم السعودية لمطالب غرمائه من جهة أخرى، سيضع حداً لحالة الاحتباس السياسي السوداني .. تفاءلوا بالخير تجده. نقلاً عن صحيفة الصيحة 2015/3/30م