لأول مرة يعترف الأعداء قبل الأصدقاء بأن حكومة السودان قد نضجت سياسياً وأصبحت تسير بخطوات ثابتة نحو التقدم ولعب أدوار أكثر تأثيراً في محيطنا العربي والأفريقي، وذلك بمشاركتها في قوات عاصفة الحزم التي تقودها السعودية ضد الشيعة الحوثيين..! ومنذ أن جاءت الإنقاذ إلي الحكم في العام 1989 أخذ عليها أنها متخبطة في سياساتها الخارجية، وان شعاراتها كانت عدائية.. واستمرت الاتهامات تلاحقها في محيطها الخارجي..! وقبل عامين توترت علاقات الخرطوم مع بعض الدول العربية بحجة أنها تعمقت في علاقتها مع إيران وقد كان لذلك أثره على واقع البلاد الاقتصادي .. لكن الغريب في الأمر أن الخطوة لم تكن محل اتفاق حتى من قبل قيادة الدولة بل كانت مرحلية أكثر من كونها إستراتيجية ويتضح ذلك من خلال حديث وزير الخارجية علي كرتي في المؤتمر الصحفي الذي عقده بمطار الخرطوم أمس الأول، فقد نفي وجود أي علاقة جوهرية قد كانت مع إيران، إنما هنالك علاقات دبلوماسية وعلاقات تعاون عادية..! وفي تقديري إنها تصريحات موفقة ومنضبطة لحد كبير وشكلت ارتياحاً في الشارع العام، فقد كان هذا الأخير منزعجاً من العلاقة مع إيران ومتخوفاً جداً منها لأنها تقود المجتمع نحو المذهبية والطائفية..! وتزيد من المد الشيعي وهذا ما لا يحمد عقباه..! بعض المستهزئين أرادوا أن يسخروا من هذا الموقف الشجاع، وحاولوا أن يروجوا الشائعات ويصنعوا الأحداث ضد رمزية البلاد السياسية والأمنية فقد خاب فالهم..!! فقد شهد العالم كله أن قواتنا المسلحة قادرة على الثبات رغم عظم التحديات.. ولم تنهار قواتنا وقت المسقبة، ولم تنكسر وقت أن تحالفت كل القوى الداخلية والخارجية على السودان فكان جيشنا جباراً عصياً قوى الشكيمة على الأعداء رغم قلة إمكانياته وضعف آلياته..! فالحرب أصبحت آلة بالنسبة لكل جيوش العالم إلا إن الجيش السوداني قائم على منهجية أساسها بناء العقيدة القتالية والبناء الروحي، وبذلك أصبح محل أنظار العالم وقبلة أطماعهم .. وأثبت كفاءة في الحرب العالمية الثانية وخلال مشاركته مع قوات الردع العربية، وكل الحروبات التي شارك فيها!! وما يزال يقاتل رغم حالة الإنهاك والاستهلاك التي بدأت معه منذ العام 1955 عام ميلاد قوات دفاع السودان فقد ظل في حالة حرب مستمرة وحتى هذا التاريخ..! ولا أنس بل أكرر واستشهد بحرب الخليج وقتها قاتل الجيش السوداني بشرف وحينما أنتهت مهمة القوات المسلحة أصطف الضباط والجنود في مكار الكويت ليعودا إلى الخرطوم، وبعد وداعهم تقدم أحد أمراء أسرة الصباح وسلم كل واحد منهم ظرفاً به مبلغ م المال ويذكر التاريخ أن قائد القوة السودانية وقتها اللواء أحمد صديق الزيبق انتظر حتى انتهي سمة الأمير من توزيع الظروف..! ولم يتردد سعادة اللواء في القرار فقد صاح بصوته الجهور (طابور صفا، انتباه، أرضاً ظرف، معتدل مارش، وعلي الأرض)، وحينها أصيب الجميع بالذهول من هذا الأمر القيادي الذي يحرم ضباطه وجنوده من المال والهدايا، وكانت الإجابة حاسمة من السيد اللواء حينما قال "لا شكر على واجب ولسنا مرتزقة." هذا الموقف يجسد معاني الوطنية العظيمة التي أنبني عليها جيشنا فأصبح عملاً تنتابه سهام المتربصين.. وعليه فنحن مطلوبون بوقفه قوية مع قواتنا المسلحة وإسنادها ومطلوب أيضاً مساندة الحكومة في مواقفها المشرفة والتي تعود بالنفع العام على البلاد. وبهذه الخطوة سادتي قد حدد السودان موقفه من المدارس العالمية المنقسمة بين روسيا والولايات المتحدةالأمريكية وبذلك يحق لنا أن نتفائل بإشراقات جديدة في واقعنا اليومي ومستقبلنا الاقتصادي .. والله المستعان. نقلاً عن صحيفة الصيحة 2015/3/31م