انقضى اليوم الأول للإقتراع، وبدأ اليوم الثاني، واستمتعنا بمتابعة العملية الانتخابية في مختلف المراكز بالعاصمة والولايات، وتباينت انطباعات البعض فهناك من وصف الإقبال بالضعيف، وآخرون شاهدوا تدافعاً كبيراً وإقبالاً غير مسبوق. توجه المواطنين نحو صناديق الإقتراع منذ الصباح الباكر، مهما كان عددهم كثيراً أم قليل، هو مشهد في إعتقادنا ينم عن سلوك (حضاري) كبير، جبل عليه الشعب السوداني منذ قديم، وفي ذاكرته الجمعية عدد غير قليل من (ممارسة) الفعل الإنتخابي. هذا المشهد المتحضر في إختيار (من يحكم) السودان للخمس سنوات القادمة، أفضل من غيره من المشاهد التي ظل يروج لها البعض بالدعوة للمقاطعة، بل والإعلان بأنهم سيخربون الإنتخابات، وذلك باستخدام وسائط الإعلام الجماهيري التي باتت منتشرة. كما أن العملية الانتخابية المسؤولة، في ظل وجود مراقبين من كل بقاع الأرض، بما فيها دول ومؤسسات، إكتسبت خبرات تراكمية كبيرة في الرقابة على الانتخابات، بالإضافة للرقابة الذاتية التي وفرتها المفوضية لمناديب الأحزاب المشاركة في هذا العمل الوطن الكبير، هي خير وسيلة يتخذها الشعب للتغيير. لتغيير الحكومات والنظام وسائل عديدة، لكن من يقنعنا بأن هناك وسيلة لتغيير النظام أفضل من الإنتخابات؟.. الانتخابات وصناديق الاقتراع أفضل بكثير من (المقاطعة) لأنها تمنح الحق للمواطن الذي يدخل (الستارة) لوحده ويقرر لمن يمنح صوته. من حقك المقاطعة، ومن حقك أن تلزم بيتك أو متجرك أو مكتبك أو (تنكب) في قضاء حاجتك، ولكن ليس من حقك أن تمنع الآخرين حقوقهم، لأن حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين. مشهد المواطنين وهم يتوجهون نحو مراكز الاقتراع، أو يتدافعون داخلها،بلا شك هو خير من مشاهد كثيرة نراها حولنا في دول الجوار التي ارتضت بحكم (البندقية)، وغاب عنها رأي العقل وتوارت فيها الحكمة. اندلعت (دائرة النار) من حولنا تحرق الأخضر واليابس، منذ سيئة الذكر ثورات الربيع العربي، ولم تسلم منها بعض البلدان الأفريقية، وأصبحت البندقية بكل أشكالها تحصد (الألوف) من الأبرياء ولا تزال، ولا يوجد (بصيص) أمل في الأفق متى ستنطفئ؟ هذه المشاهد (المحزنة)، من حولنا، نحمد الله إننا استبدلناها بما هو خير منها وهو التوجه بسلاسة وسلام إلى صناديق الاقتراع لاختيار القوي الأمين، وأثبت الشعب السوداني بذلك أنه (الأفضل والأعقل) بين شعوب المنطقة. أعجبني في مسألة (الانتخابات) تصريح ألقى به د.مختار الأصم رئيس المفوضية القومية للانتخابات في حواره مع ود البلال، د. الأصم أكد إن أي انتخابات في العالم ليس لها (نصاب) وتحسب نتائجها من جملة الأصوات التي أقبلت على (الاقتراع) مثلا إذا كان عدد الناخبين اثنين مليون وأحرز أحد المرشحين (مليون + 1) يتم إعلانه كفائز، لم أجد أن هذا التصريح وجد حظه اللائق في وسائل الإعلام. قناة الشروق الفضائية قدمت خدمة إعلامية ممتازة عن العملية الانتخابية، وسيرها خلال اليوم الأول.. نجاح (الشروق) وضح جلياً في عكسها لخطوات الاقتراع من كل ولايات السودان بما في ذلك العاصمة، وإفرادها لحيز بث حي على مدار يوم أمس. نقلاً عن صحيفة ألوان 14/4/2015م