علي غير العادة أجرت المملكة العربية السعودية تغييرات غير متوقعة قوبلت باستحسان الجميع، لأنها أقدت علي فترة جديدة أعطت الشباب فرصة الصعود وممارسة الحكم، وهذا لعمري فهم متقدم وخطوة نحو التغيير الإيجابي. بالنسبة لنا في السودان، وقبل تكليف الحكومة الجديدة، نتمنى من القائمين علي الأمر تشكيل حكومة متوازنة تشمل كل الطيف السياسي وتتم المحاسبة علي أساس التكليف وليس لأجل مشاركة الحزب المعني، وأن تبتعد عن الجهوية والقبلية والشللية والأيتام التي تعمل لأجل بقائها فقط، وليس حرصاً علي البلاد وأهلها، وأن تبتعد عن الترضيات والمجاملات والشلليات وأن تأتي حكومة رشيقة وغير مترهلة حتي لا ترهق ميزانية الدولة. كل ما يعنينا أن يكون الوطن أهم من التشاكس حول الوزارات والمستشاريات والامتيازات، كل ما يعنينا أن يكون المواطن هو الأولوية في كل شئ، خدمات، تنمية، صحة، تعليم، وغيرها من احتياجات المواطن البسيط، فهو لا يعنيه زيد وعبيد في كرسي الوزارة بقدر ما يعينه ماذا سيقدم له هذا الوزير أو ذاك. ويجب ألا يدخل الوطني نفسه باعتباره أكبر الأحزاب نسبة في مأزق الترضيات والمحاباة . رجاء يكفي مجاملة وتسويات وغيرها من المسميات، وأنه كان لابد من الاستعانة ببعض الكفاءات فلتكن بغير تحديد حزب معين للمشاركة. فهناك كفاءات مقتدرة داخل كل الأحزاب وليس الحزب الاتحادي الأصل وحده، والذي كان أكثر الأحزاب فجوراً في الخصومة سابقاً قبل أن تنقلب المقادير ويصبح القريب العزيز، وأصبحت المناصب الدستورية والتنفيذية وظيفة ثابتة للبعض من الذين لا يؤمنون بسنة التغيير، رجاءنا في هذا العهد الجديد أن يحقق الرئيس وحده فيمن سيتم اختيارهم وألا يترك هذا الأمر لبعض مستشاريه الذين يعينون بالترضيات والمجالات والموازنات التي بسببها امتلأ ثوب الحكومة السابقة بالثقوب، علي الرئيس أن يدفع بوجوه جديدة للعمل التنفيذي. فقد مللنا من تلك الوجوه المكررة، أعطوا الفرصة للجيل الجديد يا مسؤولينا وتذكروا أن زعيم المعارضة في الديمقراطية كان شاباً في الثلاثين من عمره، هل تذكرتموه الشيخ علي عثمان محمد طه. لا تتركوا الأمر لبضعة أشخاص يجلسون حول طاولة مكتبية يرتشفون الشاي الساخن ويفكرون لأكثر من ثلاثين مليوناً هم تعداد سكان البلاد، ثم يخرجون لنا بما لا نطيق. رغم الفترة الطويلة التي قضاها حزب المؤتمر الوطني في الحكم إلا أن السودان لم يجد حظه من الاستقرار في الحكم ولا الدستور ولا القوانين التي تنظم شأن الناس، لكننا نعمل بنظام القطع ونظام التجريب والتعديل، لذا ستظل البلاد تدور في فلك الترضيات والتوصيات والمقربين والمقربات. الصراعات في دارفور لا تزال مستمرة والترضيات بالمناصب لم تؤت أكلها، نبرة انفصال بدأت تأتي من الشرق، تململ في كردفان، وغضب في الجزيرة، وهكذا الحال مع بقية الولايات الأخرى، ولا ندري كيف يتم التعامل مع كل هذه البؤر تعلو، هل بالترضيات وتوزيع المناصب أم إن هناك أفكاراً وأفعالاً لمجابهة ما يحدث؟ الأمر ليس بهذه السهولة، يجب أن تكون هنالك رؤية واضحة وإستراتيجية مبنية علي وعي وإدراك بما يحيق بالبلاد خارجياً وداخلياً، يجب أن توكل الأمور لخبراء يعرفون ماذا يفعلون وليس لم يجيدون التجريب ويدمنون الفشل.. إلي متي يصبح السودان علي هامش الدولة؟. نقلا عن صحيفة الصحية 3/5/2015م