كان دائما السؤال الذي يطلقه محللون لماذا يكون السودان في مرمي النيران الإسرائيلية بالرغم من بعده جغرافياً عنها، وبالتالي فهو لا يشكل تهديداً مباشراً لأمنها القومي بعكس الشقيقة مصر شمال الوادي والتي بها تداخلات كثيرة مع الكيان بالرغم من الموقف المعلن من قبل الحكومة السودانية بالوقوف مع القضية الفلسطينية كخيار استراتيجي للأمن القومي العربي بشكل اشمل فان حالة الاختراق الاسترائيلي التي بدأت تتنكر بين الغينة والأخرى تشير إلي إشكالات حقيقة ليست فقط موقف السودان من القضية الفلسطينية ففي الوقت الذي تتذرع فيه إسرائيل بأن السودان ينشط في دعم حماس، الأمر الذي يهدد أمنها الداخلي والقومي فإنها بدأت تستبيح السودان من خلال تلك الحجة، ويري محللون للشأن السياسي أن الأحداث التي حدثت من استهداف إسرائيلي ابتداء من الهجوم علي قافلة في الصحراء الغربي ثم ضرب عربه السوناتا ببور تسودان ثم الهجوم علي مجمع اليرموك وأخيراً تصدي المضادات الدفاعية للطيران تجسس إسرائيلية بدون طيار دخلت في العمق السوداني.. وتشير أخر التقارير الإخبارية أن هدف إسرائيل وجود أرضية لها في القرن الأفريقي حيث نشرت مجلة (شؤون إستراتيجية) التي يصدرها معهد بحوث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب بحثاً عن (التغيرات في العلاقات الإسرائيلية الأفريقية) كما أن منطقة القرن الأفريقي تعد بعداً استراتيجياً لإسرائيل ويري د. ايلي كرمون من مركز هيرتسليا أن منطقة القرن الأفريقي منطقة مصالح اقتصادية لإسرائيل من بينها التجارة مع اسايا عبر البحر الأحمر كما أن أثيوبيا واريتريا وكينيا ويوغندا دول تعتبرها إسرائيل حزام الطوق الأمني ضد المد الغربي خاصة هزيمتها عام 37 حيث كانت تعول إسرائيل علي انفضاض منظمة الوحدة الأفريقية التي كانت أثيوبيا تحتضن مقارها ضد الدول العربية الأفريقية. وبحسب الاستدعاءات التي أطلقها البرلمان من خلال الاعتداءات المتكررة علي الأجواء السودانية وانتهاك حرمتها فأن وزير الدفاع السوداني، أكد علي وجود خلل في أنظمت الرادار الذي يرصد تحركات العدو الأمر الذي جعل البرلمان يصدر توصية مهمة بإعادة بناء المنظومة الدفاعية، وهنا يري خبراء عسكريون أن تعامل المضادان الدفاعية مع طائرة التجسس الإسرائيلية في منطقة وادي سيدنا العسكرية يعد تطوراً ملفتاً إلي التعامل بالمثل لحماية الأمن القومي السوداني غير أنهم في ذات الوقت يعيبون علي المؤسسة العسكرية تصدي تلك المضادات داخل العاصمة خاصة وأن وجهة الطائرة والتي رصدتها الرادارات كانت قادمة من الاتجاه الشرقي أي عبر البحر الأحمر، وبحسب المعهد العربي للأبحاث الذي أشار في أحدي بحوثه عن سؤال استنكاري وهو ماذا تريد إسرائيل من السودان يري أن السودان ومنذ توقيعه علي اتفاقية السلام الشامل ذهبت إسرائيل في الضغط علي القادة الجنوبيون علي الانفصال وتحقق لها ما أردت فسعت إلي الإمساك بمفاصل شركات التنمية بحجة مساعدة دولة الجنوب إلا أنها تعدت الجانب الاقتصادي إلي العسكري حيث أنشأت قاعدة عسكرية فيما كشفت مصادر عسكرية إسرائيلية عن تدشين أضخم طائرة تجسس بدون طيار تقوم بعمل استخباري ضد السودان. التعامل السوداني ضد التجسس الإسرائيلي والذي بدأ حسب ما ذكرته صحيفة هارتس الإسرائيلية أن السودان اعتقل عدداً من العملاء السودانيين تجسسوا لصالح إسرائيل وهي المجموعة التي قدمت المعلومات لإسرائيل حول قافلة تعتقد إسرائيل أنها أسلحة عام 2009 غير أن خبراء أمنيين يعتقدون أن الذي لفت النظر إلي النشاط الاستخباري لإسرائيل في السودان كان بعد ضربة مصنع اليرموك كما أن أجهزة الأمن السودانية التي توصلت إلي حد العناصر التي وصفته بالمهم في شبكة التجسس الإسرائيلية في مارس العام الماضي دون الكشف عن هويته واعتبرت أنه ضالع في الهجوميين علي العربة السوناتا ومصنع اليرموك، وأكدت أنه من خلال التحقيقات التي أجريت مع العنصر ارشد علي عدد من العناصر الأخرى، فيما ذكر مصدر مطلع أن الأجهزة الأمنية تتابع وتراقب بدقة النشاط التجسسي لإسرائيل منذ فترة طويلة خاصة العناصر التي تسللت عبر مصر إلي إسرائيل وإعادتها للسودان عن طريق الجنوب وبعض دول الجوار. وكذلك فإن الأجهزة الأمنية ترصد السودانيين طيلة السنوات السابقة إلي إسرائيل عبر سيناء، وينظر الخبراء إلي أن النشاط الاستخباري الإسرائيلي تجاه السودان ليس له علاقة بين السودان وإيران كما كانت تزعم إسرائيل في الماضي خاصة بعد موقف السودان في عاصفة الحزب وقطع العلاقات السودانية الإيرانية كما أن اختراق المجال الجوي السوداني من خلال طائرة التجسس يؤكد أن الحجة التي كانت تطلقها إسرائيل تعد واهية. وتذهب عدد من مراكز البحوث إلي أن عين إسرائيل علي السودان قديمه وتضيف إليه البعد الاستراتيجي كرابط بين البوابة العربية والإفريقية، وهو ما يجعله في مرمي النشاط الإسرائيلي الاستخباري وأنها غيرت استراتيجيها في النشاط الاستخباري في السودان خاصة بعد ما تمكنت السلطات من القبض علي نسر مذود بأجهزة تحديد مواقع (جي بي أس) وبطاقة تعريفية في دارفور ففي الوقت الذي نفت فيه إسرائيل أن يكون الطائر تم استخدامه لأغراض التجسس، إنما عن دراسة هجرة الطيور يعد اختبار طائرة التجسس التي أسقطت من قبل دفاع الجو السودان تطوراً جديداً في المواجهة الاستخبارية بين السودان والدولة العبرية خاصة بعد أن انتقت الشبهات التي كانت تحيط بالخرطوم وعلاقاتها بإيران. وتعد أخطر ملفات التجسس الإسرائيلية هي التي كشفت في ابريل الماضي عن تجسس إسرائيل علي المشاورات التي جرت بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وإيران، الأمر الذي آثار غضب الإدارة الأمريكية. نقلا عن صحيفة ألوان 7/5/2015م