لم تكن الدعوة التي أطلقها الرئيس البشير أمس الأول للحركات المسلحة للانخراط في الحوار الوطني ووضع السلاح وعفوه عن هذه الحركات هي المرة الأولى، بل سبقتها دعوات عديدة في كثير من المناسبات واللقاءات، وأخرها خطاب الوثبة يناير 2014م، بالأمس جدد الرئيس دعوته لهذه الحركات وأصدر قرار العفو عنهم تماشياً مع جو الحوار الذي دعا له. اللافت في هذه الدعوة أنها تختلف عن سابقتها فالنظر إلى خطاب الرئيس أمس الأول يرى فيه الكثير من التصالح ووصفه المراقبون بالخطاب الجاد و(العهد الجديد) هذه المفردة التي سيطرت كثيراً على خطاب الرئيس، ولعل العهد الجديد والدورة تتطلب من النظام إيقاف الحرب ونزع فتيل الأزمة التي طال أمدها في دارفور والنيل الأزرق وكردفان، وقد طمأن الرئيس بأن آلية الحوار قد اكتملت وسيبدأ قطاره في السير في غضون الأيام المقبلة، جدير بالذكر أن هذه الدعوة تجئ في إطار جدية الحكومة في تحقيق السلام وإنهاء ملفات المناطق قادة ورؤساء الدول الإفريقية ونواب الهيئة التشريعية القومية وقد تابع الجميع خطاب الرئيس باهتمام بالغ كما اهتمامهم بحضور حفل التنصيب. جدير بالذكر ان النظام أ"لق مثل هذه الدعوات بالعفو التام عن (حملة السلاح) دون أن يمضي هذا العفو إلى مقاصده ويصب إلى نهاياته المرجوة، لعدم توفر الضمانات الكافية لهذه الحركات بالعودة إلى الخرطوم، حيث صدرت أحكاماً على بعض منتسبي هذه الحركات وصلت إلى(حكم الإعدام) لم تلغيها الحكومة لصالح الحوار وإنهاء فتيل الأزمة مما دفع هذه الحركات إلى رفض الاستجابة للجانب الحكومي نتيجة لتصعيد هذه الأحكام مما أخر تحقيق السلام مما دعا المراقبون إلى وصف الموقف الحكومي ب(الارتباك) وان العفو الذي يصدر لا يشمل شطب هذه الأحكام في مواجهة الحركات المسلحة ويقول الناطق الرسمي لحزب البعث محمد ضياء الدين ل(ألوان) أمس أن الرئيس البشير أطلق العفو العام شريطة القبول بالحوار دون تهيئة مناخ الحوار وإلغاء القوانين المقيدة للحريات وإطلاق سراح المحكومين والمعتقلين لأسباب سياسية وإعلان وقف إطلاق النار من طرف واحد كإبداء لحسن النية وإطلاق الأسرى والإفراج عنهم والإعلان عن ضمانات لحاملي السلاح خاصة وأن بعضهم قد صدرت ضدهم أحكام وصلت إلى (الإعدام) غير ذلك يصبح الحوار لا قيمة له. وبحسب ضياء الدين أن الحكومة ظلت تنادي كثيراً بالحوار دون أن تخطو خطوة واحدة في إنفاذ (هذا الحوار) وأن عفو الرئيس عن (حملة السلاح) أيضاً غير جديدة وهي تأتي من باب الخطاب الإعلامي. فيما ذهب د. ربيع عبد العاطي القيادي بالمؤتمر الوطني إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يطلق فيها الرئيس عفوه عن هذه الحركات وتوفير الضمانات لها للانخراط في الحوار والعملية السلمية ولكن دائماً هذه قضايا شائكة ومعقدة ونحتاج إلى زمن في تحقيق المبادئ السامية ووقف الحرب ولا اعتقد أنها سوف تكون المرة الأخيرة في دعوتنا لهذه الحركات. وهذه الدعوة تجدد بحسب (المتغيرات) والنظام في أي اتفاقية عقدها تم الالتزام بها منذ اتفاقية السلام الشامل 2005م وكانت نتيجتها اخطر نتيجة وتم فيها انفصال الجنوب واتفاقية الدوحة لسلام دارفور، واتفاقية الشرق للسلام وهذا على رؤوس الإشهاد والعالم كله يعلم إننا التزمنا بكل الاتفاقيات التي عقدناها واستجابة الحركات المسلحة ليس بالصورة ان تكون استجابة كلية لأن هذه الحركات ليست بالضرورة هي على اتفاق تام منها من يقبل بالحوار ومنها ما لا يقبل. نقلاً عن صحيفة ألوان 4/6/2015م