شرعت لجنة شكلتها وزارة العدل برئاسة مولانا صلاح أبوزيد المدعي العام التحقيق في معاملات ربوية بلغت (240) مليار جنيه حدثت في سوق المواسير وسط مدينة الفاشر وقال السيد وزير العدل الذي وصل الفاشر ان الوزارة تلقت دعوة من حكومة الولاية للنظر في قضايا مواطنين ضد اثنين من التجار مشيرا الي أن العدالة ستأخذ مجراها ولا يوجد شخص فوق القانون. أضحي مصطلح مواسير من المصطلحات الشائعة وسط المواطنين وعندما سمعت كلمة سوق المواسير للمرة الأولي ظننت (وليس كل الظن اثم) ان الأمر يتعلق بمواسير كرة القدم التي ابتلانا بها في السنوات الأخيرة. ولكن وجدت الأمر اكبر بكثير حيث ان سوق المواسير يعتبر أكبر سوق للتعاملات المالية والرهن علي مستوي السودان . وقد نشأت فكرة السوق علي مبدأ الأخذ من العميل الثاني للدفع للاول مما دفع الكثيرون الي دخول السوق وتحقيق مكاسب مادية حقيقية والدخول في رهونات بأموالهم ومنازلهم وسياراتهم. خاصة وان العائد الذي يدفع أعلي من اي نوع استثمار أخر . وسار هذا السوق من نجاح الي نجاح الي أن أتت الانتخابات الأخيرة فأحدثت أزمة في السيولة انهار معها السوق من أساسه لان هذا السوق قائم بصورة اساسية علي القدرة علي الوفاء. ومتي ما انعدمت هذه القدرة فان السوق سينهار بشكل تلقائي تماما مثل قطع الدوميبو وهذا صميم ما حدث لسوق المواسير في الفاشر . والملاحظ في هذا الخصوص ان تداعيات السوق قد سارت بصورة دراماتيكية من بدايتها الي نهايتها من غير حسيب ولا رقيب الأمر الذي يتطلب طرح العديد من التساؤلات عن دور أجهزة الدولة المسؤولة عن التعاملات المالية وعن مدي قيامها بدورها كما انها تطرح نقاط علي كامل النظام الاقتصادي المطبق في السودان. وأول هذه التسأولات كيف يسمح لنظام ربوي ان يسود ولاية كاملة لمدة عامين . في ظل دول تطبق النظام الاسلامي من غير ان تتحرك اي جهة رقابية لايقافه. بل ان الامر قد وصل الي مرحلة ترشح القائمين علي امر سوق المواسيرفي الانتخابات الاخيرة ضمن قائمة الحزب الحاكم الا يدل هذا علي وجود خلل كامل في النظام الاقتصادي المطبق. ان هذا الامر يشبه الي حد كبير فتح البارات في ولاية لمدة عامين من غير حسيب ولا رقيب. فلا فرق من الناحية الاسلامية بين الربا والخمر فكلاهما محرم وكلاهما ضار. دعك من النظام الاقتصادي الاسلامي اليس من واجب الدولة (حتي لو كانت دولة علمانية) الحفاظ علي حقوق علي المواطنين. فلماذا لم توقف الدولة هذا العبث في مهده وتركته حتي وصل اجمالي الضرر الي ربع ترليون جنيه (بالقديم). مع العلم بان هذه التجربة لم تبتدي في دارفور ولكنها طبقت في مصر من ثمانينات القرن الماضي علي شكل شركات توظيف الأموال (الريان والسعد لتوظيف الأموال) . ولم تسترد حقوق المودعين الا قبل سنوات قليلة. فلماذا لم تنتبه الدولة لهذا الأمر في حينه؟. نقلا عن صحيفة التيار السودانية 5/5/2010م