جددت منظمة برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة تحذيراتها بشأن مواجهة البلاد لكارثة وشيكة تتعلق بمستويات انعدام الأمن الغذائي في تاريخه، بسبب المزيج من الصراع الدائر حالياً، وارتفاع أسعار المواد الغذائية بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية المتفاقمة والتي تمثل كارثة خطيرة بحسب تحليل المنظمة، التي قالت في تقرير إن الملايين من الناس في البلاد محاصرون نتيجة للصراع الوحشي، الذي أدى إلى ارتفاع معدلات الجوع مع تفاقم الأزمة الاقتصادية. وقالت مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان جويس لمي، إن هناك عدداً هائلاً من الناس في البلاد يعانون من الجوع، وأن هذا التحليل عبارة عن إشارة لما يمكن أن يحدث في الفترة القادمة، ووفقاً للتصنيف الدولي بشأن جنوب السودان فإن نحو 4.6 مليون شخص هم في حاجة ماسة إلى المساعدة و40 في المائة منهم سوف يواجهون الجوع في الأشهر الثلاثة المقبلة، وأطلقت المنظمة نداء إلى إنقاذ الحياة بصورة عاجلة أو المساعدة. وأعربت المنظمة عن قلقها حيال تدهور الأوضاع الاقتصادية التي جعلت الأمور بحسب المنظمة أكثر من سئ، والتي أدت أيضاً إلى زيادة مخاوف المنظمة بسبب النقص في التمويل وتقلص وصول المساعدات من قدرة وكالات الإغاثة على تلبية الاحتياجات المتصاعدة في جنوب السودان مع استمرار القتال الحالي والمستمر في كل من جونقلي وأعالي النيل والوحدة، ما أدى إلى ارتفاع أعداد النازحين إلى مناطق نائية ينعدم فيها الأمن الغذائي. وتواجه البلاد بحسب المنظمة أزمة اقتصادية حادة وصلت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق وتعطيل النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى المضايقات من قبل أطراف النزاع. وبحسب تقرير المنظمة فإن هذا يحد من قدرة وكالات الغوث الإنسانية للوصول إلى المحتاجين ويرى التقرير أنه مع استمرار الحرب في البلاد تصاعدت مسألة انعدام الأمن الغذائي والتي تأثرت بها بشكل مباشر بعض المناطق مثل واراب وشمال بحر الغزال، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية ومعدل التضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية وتناقص القوة الشرائية جعلت العديد من الأسر تعيش على حافة الهاوية في مواجهة الأزمة الاقتصادية في المدن، بينما الآخرون يواجهون الجوع والمرض في مخيمات الأممالمتحدة. وتحتاج منظمة الغذاء العالمي بحسب التقرير إلى المزيد من التمويل لرفع مستوى عملها في البلاد، وتقول ممثلة المنظمة إن "عليهم تحديد الأولويات والمساعدات في الوقت الحالي والتركيز على الأشياء الأكثر أهمية"، وأن من دون هذا فإن الغالبية من السكان سوف لا يجدون أي مساعدات إنسانية في الفترة المقبلة. وتواجه المنظمة حالياً نقصاً بحجم 230 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية، وللوصول إلى المناطق المتأثرة بالجوع في البلاد، وتقول المنظمة بأنها تستخدم وسائل متعددة وهي الإنزال الجوي نتيجة لوعورة الطرق وعدم وجود ممرات آمنة لمناطق النازحين، رغم تعهد رئيس الجمهورية بإصلاح الطرق من أجل توصيل الغذاء في حفل توزيع التركتورات هذا العام بحسب التقرير. ووفقاً لبرنامج الغذاء العالمي فإن هنالك أسر في جنوب السودان لا تعلم من أين ستأتي بوجباتها الغذائية، وتضيف المنظمة في تقريرها الوارد إنها سوف تعمل من أجل مواصلة جهودها للاستجابة للأزمة الإنسانية التي تواجه دولة جنوب السودان. وقد ساعدت الجهود الإنسانية الضخمة على درء حدوث مجاعة في جنوب السودان في العام 2014م وكان برنامج الأغذية العالمي هي المنظمة الرائدة ضمن هذه الجهود، حيث أرسلت 190 ألف طن متري من المواد الغذائية عن طريق الجو، والنهر، والبر لمساعدة 2.5 مليون شخص في البلاد. وقد اعتبرت المنظمة أن دولة جنوب السودان من أكثر البيئات تحدياً بالنسبة للعمل الإنساني في العالم بسبب الأمطار التي تجتاح البلاد في موسم الخريف، وتخطط المنظمة في تخزين أكثر من مائة طن متري من المواد الغذائية قبل عمق الخريف وهي كافية لمدة ستة أشهر على حسب المنظمة ومع استمرار الحرب فإن 80% من سكان البلاد غير قادرين على الزراعة في الموسم الزراعي كما يقول التقرير. وقد قامت الحكومة بتوزيع 1000 تراكتورات بواقع 30 تراكتوراً، وكل ولاية لها الحق لطلب المزيد مع الدراسة في هذا العام لأجل الحد من المجاعة بزراعة محاصيل قادرة على محاربة الجوع في العام المقبل، وقال وزير الزراعة القومي بيدا مشار إن التراكتورات سوف تسهم في القضاء على الفقر. وكان جنوب السودان قد قام بجلب 600 تراكتور في الأعوام الماضية ولم يستفد منها في العمليات الزراعية. وفي تدشين توزيع التراكتورات قال رئيس الجمهورية سلفاكير ميارديت إنه "أوفى بوعده واستجلب عدد ألف تراكتور حتى تكون البلاد خالية من المجاعة خلال العامين القادمين في وقت قال فيه إنه أخلى سبيله وإن المسؤولية الآن على عاتق وزارة الزراعة. وحذرت منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) بالقول إن 3.8 مليون شخص مقابل 1.3 مليون شخص في عام 2014 يواجهون حالة طوارئ بسبب الصراع المستمر، الذي أدى إلى الانكماش الاقتصادي وانعدام الأمن الغذائي، وهذا يعني أن مستوى الحاجة إلى مساعدات إنسانية في ازدياد بشكل يومي منذ اندلاع الحرب كما تقول المنظمة. وتدعو المنظمات الدولية إلى اتخاذ إجراءات لازمة قبل أن يتفاقم الوضع في الشهر القادم. وأشار التقرير على أن 40% من سكان البلاد سوف يحتاجون إلى مساعدات إنسانية. وأشار الفاو إلى أن أكثر المناطق المتضررة هي أعالي النيل الكبرى، حيث يتواصل القتال بصورة مستمرة، بالإضافة إلى الجزء الغربي من بحر الغزال الكبرى نتيجة للنزاعات العشائرية التي أثرت على انعدام الغذاء لدى الأهالي بسبب تعطل الزراعة وتشريد الآلاف من المواطنين من منازلهم. وأعلنت الولاياتالمتحدةالأمريكية في وقت سابق عن دعم مالي يقارب 79 مليون دولار لمساعدات إنسانية إضافية للاجئين والمشردين داخلياً في مناطق النزاع. وبهذه الحصة يصل معدل المساعدات الإنسانية للحكومة الأمريكية منذ اندلاع الحرب 1.1 مليار دولار لجنوب السودان. ويقوم برنامج الأغذية العالمي بمساعدة نحو 80 مليون شخص في حوالي 795مليون شخص يعانون من نقص الغذاء في العالم بانخفاض 167 مليون على مدى العقد الماضي، وبالنسبة للمناطق في الدول النامية فإن العدد قل إلى مستوى أدنى، وإن الحروبات زادت من الأرقام وتراجعت إلى 72 دولة نامية من أصل 129، وذلك بفعل تحقيق أهداف الألفية الإنمائية. وقالت منظمة فاو إن النمو الاقتصادي في هذه البلدان يجب أن يكون قائماً على تعزيز الإنتاج ودخل المزارعين وأصحاب الحيازات الصغيرة والأسر، وأن جنوب السودان يجب أن يعتمد على ذلك للحد من المجاعة الوشيكة. وتواجه البلاد منحى خطير من التدهور الاقتصادي مع استمرار الحرب بالإضافة إلى حاجة الملايين المواطنين إلى المساعدات الإنسانية في مخيمات الأممالمتحدة، وربما تصل إلى داخل المدن مع استمرار الحرب وارتفاع أسعار المواد الغذائية ليعتمد شعب جنوب السودان على الإغاثة بسبب الحرب. نقلا عن صحيفة الصيحة 8/6/2015م