إذا كانت العديد من الشركات والمؤسسات الخاصة وحتي الجامعات والمدارس الخاصة (ورياض الأطفال) اعتمدت أنظمة التحصيل الإلكتروني منذ سنوات، فما الذي يمنع بقية مؤسسات الدولة من مواكبة طفرة تقنية، تسهل المعاملات، وتزيل الصفوف وتوفر الوقت وتمنع تأثر العمل بتسيب الموظفين؟ كانت الشرطة السودانية لتوزيع الكهرباء سباقة في تطبيق تلك التقنية، ببيع الكهرباء إلكترونياً، ونشهد لها أنها أفلحت في معالجة العيوب التي كانت تعوق تقديم الخدمة بالسرعة اللازمة، فسهلت الأمر علي المواطنين، ووفرت وقتهم قبل أن تطور خدمتها لتشمل شراء الكهرباء عبر (الموبايل). واكبت شرطة الجمارك تلك التقنية ومكنت المخلصين والمستوردين من تسديد رسومهم الجمركية إلكترونياً. كذلك دخلت وزارة التعليم العالي علي خط التقنية، ومنحت الطلاب فرصة لتقديم طلبات الالتحاق بالجامعات إلكترونياً، وتبعتها العديد من الجامعات، التي وفرت لطلابها ذات الميزة، عبر بعض البنوك، وأبرزها بنك فيصل الإسلامي، الذي نشهد له بالريادة في مجال التقنية المصرفية. دخول الحكومة علي خط التحصيل الإلكتروني للرسوم أتي متأخراً، وعاني من صعوبات جمعة، لأن (تماسيح) التجنيب، والمستفيدين من فوضي التحصيل (عبر آلاف الرسوم العشوائية) قاوموا التوجه الجديد بشراسة، وحاولوا الالتفاف عليه بقوة. أمس نال المشروع دفعة قوية بتوجيه رئاسي، قضي بإلقاء القبض علي مخالفي نظام التحصيل الإلكتروني، تقديمهم لمحاكمات فورية، مع توجيه آخر، يقضي بإدخال كل الهيئات والمؤسسات والشركات العامة في النظام الجديد. توجيه صارم، قضي علي الجدل، ووجه (العين الحمراء) لمن يسعون لإجهاض مشروع (الخزانة الواحدة) الذي يفترض أن يشمل حتي ديوان الضرائب، ليتم السداد إلكترونياً. التعامل (بالكاش) بات جزءاً من الماضي في كل دول العالم، إذ ما عاد الناس بحاجة إلي حمل النقود في الجيوب ليسددوا بها مشترياتهم كما كان يحدث في السابق. بطاقة صغيرة تمكن حاملها من تسديد الرسوم، وشراء السلع والخدمات بمنتهي السهولة. صحيح أن ظروف المقاطعة الأمريكية للسودان حرمت السودانيين من الاستفادة ن بطاقات الائتمان ذات الطابع العالمي، لكن البنوك السودانية حلت تلك المعضلة محلياً، بتوفير نقاط البيع، وماكينات شراء الخدمات، وأنظمة الصراف الآلي، مع أن الخدمات المذكورة ما زالت تعاني من التخلف، الناتج عن كثرة (طشيش الشبكة) وعدم اهتمام بعض المصارف بصيانة وتغذية ماكيناتها بالمال. من المشاكل التي تعترض مسيرة تلك الخدمات أن الماكينات مخصصة في الأصل لسحب مقادير بسيطة من المال، وليس لصرف الملايين عملات ورقية سيئة الخامات، يمكن أن تتسبب أي ورقة نقد مقطوعة في إيقافها عن العمل. قرار الرئيس قضي علي الجدل، وقطع الشك باليقين، وعلي وزارة المالية أن تستفيد من الدفعة الرئاسية وتسرع في إعداد مشروع قانون يردع المتحايلين علي أنظمة التحصيل الإلكتروني بصرامة. نقلا عن صحيفة اليوم التالي 13/8/2015م