خلال الاسبوع الماضي وقع الرئيسان السوداني والصيني على اتفاق للشراكة الاستراتيجية بين البلدين طبعاً مفهوم الشراكة الاستراتيجية يشمل التنسيق والتعاون والمساندة في المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية، فهو مفهوم يقوم على هذه الركائز مجتمعة وليس على مفهوم الشراكة أوالتعاون الاقتصادي فحسب. شملت الاتفاقيات الاقتصادية تعهد الصين بالاستثمار في مجال الغاز الطبيعي وفي حقول البترول الواعدة، وتقديم قروض تفضيلية لشراء وسائل نقل تشمل قاطرات وسفن وطائرات، وتقديم قروض تفضيلية كذلك لاعادة تعمير بعض خطوط السكك الحديدية، وشملت الاتفاقيات اتفاقاً مالياً خاصاً باستعمال الين الياباني في التعامل التجاري بين القطرين، وتعهداً صينياً بالاستمرار في الاستثمار المشترك في المجال الزراعي. بما أن العلاقات بين الدول قائمة على المصالح فإن البعض يتساءل حول الاسباب التي تدفع الصين لعقد شراكة استراتيجية مع دولة تجد صعوبات في التعامل مع المجتمع الدولي بسبب العداء والحظر الاقتصادي الامريكي عليها. في الواقع أن الصين ماضية في استراتيجيتها الرامية لفتح الاسواق امام منتجاتها فيما ترمز اليه بإحياء طريق الحرير وطريق الحرير هو مجموعة من الطرق المترابطة كانت تسلكها القوافل والسفن وتمر عبر جنوب آسيا رابطة تشان (والتي كانت تعرف بتشانغ آن) في الصين مع انطاكية في تركيا بالاضافة الى مواقع أخرى. تعمد الصين في الوقت الحالي لاحياء هذه الطرق التقليدية عبر محورين المحور الأول يستهدف دول جنوب وشرق آسيا إلى جنوب أوروبا عبر مصر ودول شمال افريقيا، والمحور الثاني يستهدف دول القارة الافريقية جميعها عبر البوابة السودانية لهذا لم يكن مستغرباً دعوة كل من الرئيس السوداني عمر البشير حارس البوابة الافريقية بالنسبة للصين، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حارس بوابة البحر الابيض المتوسط وجنوب أوروبا لاحتفالات الصين بالانتصار على الفاشية. الصين هي الدولة الاولى في العالم من حيث حجم الانتاج الزراعي والصناعي، وتبلغ صادراتها 2.3 ترليون دولار كأكبر دولة مصدرة في العالم، فيما تستورد بما قيمته 1.7 ترليون دولار كثالث دولة في العالم بعد الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي ينمو القطاع الصناعي الضخم في الصين بمعدل 7% بينما ينمو نظيره الامريكي بمعدل 2.8% وفقاً لاحصاءات 2014، معنى هذا أن لدى الصين انتاجاً ضخماً جداً تسعى نحو فتح الاسواق امامه من جانب آخر فإن احتياجات الصين للطاقة متصاعدة بصورة كبيرة جداً نظراً لتوسع القطاع الصناعي فيها، وكذلك احتياجها للغذاء بوصفها الدولة الاولى في العالم من حيث عدد السكان البالغ 1.3 مليار نسمة تحتاج الصين كذلك لفتح فرص عمل لسكانها في سن العمل الذين يبلغون حوالي 801 مليون نسمة كأكبر قوة عمل في العالم. لهذه الاسباب مجتمعة من الطبيعي أن تركز الصين على قطاعات النقل والطاقة والزراعة في السودان وتركز على وجه الخصوص على السكك الحديدية للاستفادة من الاتفاقيات التي عقدها السودان مع كل من اثيوبيا ودولة تشاد وافريقيا الوسطى ودولة جنوب السودان لاستخدام الموانئ السودانية لأن هذه الدول دول مغلقة لا منافذ لها على البحار. إن الاستثمارات الصينية في مجالات النقل والطاقة والزراعة تمثل اضافات كبيرة جداً للاقتصاد السوداني، وعلينا تجهيز انفسنا لهذه التحولات الكبيرة بالجدية في العمل وتحسين تشريعاتنا ومناخ الاستثمار بصورة عامة. والله الموقف نقلا عن صحيفة السوداني 7/9/2015م