صحت وسائل الإعلام الإسرائيلية متأخرةً أمس بانتقادها الدعوات المتلاحقة خلال الأسبوعين الأخيرين من سدنة الدولة العبرية إلى الإسرائيليين لحمل السلاح وإطلاق النار على «حملة السكاكين بهدف قتلهم»، وذلك بعد يومين من «الإعدام الميداني» الذي تعرض له لاجئ من إريتريا في مدينة بئر السبع. وكان العامل الإريتري ميلا أبتوم بالصدفة في محطة الباصات في مدينة بئر السبع خلال الهجوم المسلح الذي نفذه شاب بدوي من النقب، فاشتبه الإسرائيليون في أنه مسلح فلسطيني، وأطلق ضابط الأمن النار عليه وأصابه وطرحه أرضاً ليهجم عليه عشرات الإسرائيليين بالضرب المبرح والركل على الرأس والتنكيل حتى فارق الحياة. ولدقائق طويلة، اعتبرت محطات التلفزة قتل الإريتري، قبل أن تُعرف هويته، عملاً بطولياً وأجرت المقابلات الاحتفالية مع المشاركين في «اللينش» (الإعدام بلا محاكمة) لتبين لاحقاً أنه لاجئ من إريتريا تسلل إلى إسرائيل طلباً للعمل وكان مع الهاربين من محطة الباصات لكنه دفع ثمن لون بشرته السمراء. وجاء قتل اللاجئ بعد أسبوع من اعتداء يهودي متدين على يهودي آخر بالسكين بعد أن ظن أنه عربي، وغداة تحذيرات أطلقها يهود شرقيون (اليهود المهاجرون من دول عربية) بأنهم يخشون على حياتهم لسمرة بشرتهم والاشتباه في أنهم عرب. وغداة التحذير المتأخر لرئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الإسرائيليين من تطبيق القوانين بأيديهم، علماً بأنه لم يعقب على حمل وزيره نفتالي بينيت المسدس حول خاصرته بشكل استعراضي وإعلان وزير الأمن الداخلي تسهيل إجراءات الحصول على الأسلحة الخاصة، أعلن القائم بأعمال قائد الشرطة بنسي ساو، أن الشرطة ستشرع في التحقيق مع المشاركين في قتل اللاجئ بعد تشريح جثته للتيقن من سبب وفاته، هل جراء الرصاص الذي أطلقه ضابط الأمن أم جراء الركل والضرب. وقال ساو إن الشرطة لن تمر على الحادث مرور الكرام، «وثمة حوادث كثيرة سجلناها يأخذ فيها يهود القانون لأيديهم وسنلاحقهم قضائياً». واعتبر أستاذ القانون الجنائي البروفيسور أيال غروس، حادث قتل اللاجئ نتيجة لتخلي الشرطة عن تعليمات إطلاق النار بدعم من تصريحات لشخصيات سياسية منتخبة. واستذكر قتل الفتى المقدسي فادي علون من العيسوية «الذي لم يشكل خطراً على أحد لكنه تحت تشجيع المارة اليهود أطلقت الشرطة النار عليه وأردته قتيلاً من دون أي تحذير مسبق»، علماً بأن القانون يقضي باستخدام الرصاص كخيار أخير وبعد التحذير. وأضاف أن الإريتري قُتل فقط للون جلده وصدفة وجوده في موقع الهجوم المسلح». وزاد أنه لا يمكن الفصل بين مثل هذه الأحداث والتصريحات العنترية لشخصيات سياسية وقادة شرطة، مثل تصريح قائد شرطة القدس بأن كل من يطعن يهودياً يجب أن يُقتَل، وأقوال مماثلة لوزير الأمن الداخلي يغآل أردان وزعيم «يش عتيد» يئير لبيد. واستهجن تصريح الشرطة بأنها ستحقق في الحادث «مع الحذر المطلوب كي لا تمس بحوافز المواطنين للتحرك وقت وقوع عملية إرهابية». وختم بأن الإريتري «دفع ثمناً قاسياً وفتاكاً للتحريض الرسمي والعام وصمت المستشار القضائي للحكومة». وكتبت سيما كدمون في «يديعوت أخرونوت»، أن قتل الإريتري جاء بفعل «التصريح للقتل الذي تلقاه الإسرائيليون من وزراء ونواب بإطلاق النار من أجل القتل، وتحت وطأة أجواء الهلع التي تغلغلت في الشارع فتلقى الإسرائيليون تصريحات المسؤولين على أنها تعليمات لإطلاق النار». وأضافت أن «العنوان كان على الحائط وكان لا بد من أجواء الخوف والضغط والكراهية وحب الانتقام أن تسهّل الضغط على الزناد ليقع أبرياء ضحايا الأجواء السائدة. وهذا ما حصل لإنسان بريء وقع ضحية الغضب والكراهية وتم إعدامه بسبب خطأ في التشخيص». المصدر: الحياة 21/10/2015م