في سنوات الإنقاذ الأولى أيام كان خروج المعارضة وقيادتها للخارج والعمل عبر المجتمع الوطني الديمقراطي في محاولة القاهرة وأديس واسمرا ومحاصرة الحكومة عبر جبهتي الجنوب والشرق عسكريا والقاهرة سياسيا والتجمع الديمقراطي يدير معارضته من الخارج, أما في الداخل فلعبت ثلاثة شخصيات دور المعارضة الداخل اعلاميا وسياسيا وهم الأمير نقد الله وأمين شؤون الأنصار عبد المحمود ابو والمحامي غازي سليمان, تلك الأسماء ظلت راسخة في العمل المعارض ولكل سيرته وجهده وصلابة مواقفه في مناهضة الإنقاذ, وحينما سمحت الإنقاذ بهامش الحريات وعودة معارضة الخارج بدا التجمع يتجه إلى التفكك ومتوالية الانقسامات وتعدد المواقف.. الآن بعد(26) عاما تعود المعارضة عبر نداء السودان لإعادة إنتاج تجربة التجمع من خلال مخرجات اجتماعات باريس( الجريحة) والمهم فيها أن منظمات المجتمع المدني اقتحمت مسرح المعركة السياسية ودخلت أدبيات التصنيف السياسي وحرق كروت الحياد, وهذه الخطوة ارتكبها الحزب الشيوعي في اكتوبر1964م حينما أدخلت النقابات والهيئات في الصراع السياسي تحديدا في حكومة ما بعد عبود الانتقالية, ولذلك أصبحت تلك النقابات جزءا من عملية الصراع في ما بعد, وأصبحت اهدافا مشروعة, ومن ذلك الأمد لم تفارق الأحزاب دور النقابات وعمدت على إفساد الحركة النقابية وتدميرها تماما, واليوم يضع أمين مكي مدني منظمات المجتمع عبر(كونفيدراليتها) المندغمة في تحالف نداء السودان في ساحة معترك السياسة وتصنيفها سياسيا وتدجنيها لصالح المعارضة, ورغم أن الدور المرتجى لمنظمات المجتمع المدني أن تلعب في مساحة الطريق الثالث وتخفيف حدة الاستقطاب السياسي وتوعية المجتمع لا قيادته إلى معترك السياسة والانحياز ودعوته للانتماء لصالح فئة. خطوة كونفدرالية منظمات المجتمع المدني وانحيازها لنداء السودان ودورها في صياغة مشروعه يصب في صالح مبررات الحكومة في أوقات سابقة لاجراءتها بإغلاق مراكز ثقافية واجتماعية ومراكز دراسات على أنها تقوم بادوار سياسية وتتجاوز دورها كمنظمات مجتمع مدني والجدير بان الحكومة أغلقت مركز محمود محمد طه ومركز الدراسات السودانية وكونفدرالية منظمات المجتمع المدني واتحاد الكتاب والأدباء ومركز الخاتم عدلان وغيرها ولان كونفدرالية أمين مكي مدني تقدم خدماتها الجليلة للحكومة وأجهزتها لتبرير أجراءتها ضد المنظمات السابقة واللاحقة بعد تحولها من رافد مدني إلى رافد عسكري يسعى لتغيير الحكومة وتصفيتها بكافة الوسائل, وما يمكن قوله أن كونفدرالية منظمات المجتمع المدني الآن في خانة حركات دارفور وقطاع الشمال والأحزاب المعارضة وتصيح رهينة لتقلبات السياسة, وما بين معارضة أمين مكي مدني ودوره في إقحام منظمات المجتمع المدني كواجهات سياسية ووضعها في خانة المواجهة مع الحكومة وإيجاد المبررات المنطقية لتحجيمها وقطع الطريق الثالث في إصلاح الحالة السودانية, وبين معارضة الأمير نقد الله وعبد المحمود ابو وغازي سليمان مساحة المواجهة والمقاومة دون إقحام أي مكون اجتماعي وهذا فرق بين الأولين والآخرين في شارع الاعتراض العريض, وعلى العموم افسد أمين مكي مدني كونفدرالية المجتمع المدني وقدمها كبش فداء كما فعل بالنقابات من قبل والاهم أن الإجابة على تساؤلات العسف السياسي بالمراكز والمنظمات واتحاد الكتاب بإغلاقها تجدونها في تمثيل كونفدرالية أمين مكي مدني في تحالف نداء السودان المسلح. نقلا عن صحيفة اليوم التالي 2015/11/17م