بشكل متسارع، تدهورت العلاقات الأمريكية التركية، فبعد أيام من تبادل التصريحات والاتهامات حول تصنيف حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري (PYD) على لائحة المنظمات الإرهابية، استدعت الخارجية التركية السفير الأمريكي في أنقرة، وشن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هجوماً غير مسبوق على الإدارة الأمريكية والرئيس باراك أوباما. وشدد بنبرة حادة جداً على ضرورة أن تختار الولاياتالمتحدة وتحدد موقفها بصراحة ما إن كانت حليفة وداعمة لتركيا أم حليفه ل»التنظيمات الإرهابية»، في إشارة لحزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تعتبره أنقرة امتداد لحزب العمال الكردستاني التركي الذي تصنفه تركيا وأمريكا والاتحاد الأوروبي على لائحة المنظمات الإرهابية. وقال أردوغان في خطاب له أمام مسؤولين محليين في القصر الرئاسي بالعاصمة أنقرة، الأربعاء: «إن عجز الولاياتالمتحدة عن فهم حزب الاتحاد الديمقراطي السوري الكردي وحزب العمال الكردستاني أدخل المنطقة في بحر من الدماء»، مشدداً على أن تركيا لا ترى فرقا بين تنظيم «بي كا كا»، و«حزب الاتحاد الديمقراطي» و«وحدات حماية الشعب» وتعتبرها جميعا تنظيمات إرهابية، في حين أن الولاياتالمتحدة لا تعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي تنظيماً إرهابياً لمجرد أنه يحارب تنظيم إرهابي أخر هو تنظيم داعش». تأتي هذه التطورات في ظل الأنباء عن تقدم «قوات سوريا الديمقراطية» المشكلة في الأساس من الوحدات الكردية نحو مطار منغ العسكري في ريف حلب الشمالي، حيث تعارض أنقرة بشدة توسع الوحدات الكردية في المناطق القريبة من حدودها، وتعتبر عبور وحدات حماية الشعب لغرب نهر الفرات «خط أحمر وتهديد لأمنها القومي»، لكنها تخشى مهاجمتها بسبب الدعم والتنسيق الأمريكي القائم معها. ولفت أردوغان إلى أن المسؤولين الأمريكيين خلال اجتماعاتهم مع نظرائهم الأتراك دائماً ما يؤكدون أنهم مع وجهة النظر التركية، وأنهم يؤيدونها، إلا أنهم يغيرون مواقفهم بعد أن ينصرفوا، مشيراً إلى أنه «حان الوقت كي توضح الولاياتالمتحدة بصراحة إلى جانب من تقف». ورغم إدارج واشنطن منظمة «بي كا كا» على لائحة الإرهاب، إلا أنها ترفض تصنيف ذراعه السوري «الاتحاد الديمقراطي» بنفس القائمة، بدعوى «تعاون الأخير معها في الحرب ضد (داعش)». وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو على هامش زيارته إلى هولندا تعقيباً على الأزمة مع واشنطن: «الإرهاب خطر كبير على الإنسانية، ولا فرق بين المنظمات الإرهابية، وإذا كان العالم يعترف بأنّ منظمة بي كا كا بأنها إرهابية، فكيف لا تكون المنظمة التي تلقت تدريباتها منها، منظمة إرهابية.. أنقرة تعتبر عدم الاعتراف بإرهاب حزب الاتحاد الديمقراطي، ضربة قاسمة في ظهر محاربة الإرهاب، وإننا ننتظر إيضاحات من الولاياتالمتحدة حول هذه التصريحات». والثلاثاء، أكدت الولاياتالمتحدةالأمريكية، على أنها لن تغير موقفها من عدم اعتبار حزب الاتحاد الديمقراطي إرهابيا. وقال المتحدث باسم الخارجية جون كيربي، في الموجز الصحافي من واشنطن «ليس هنالك تغيير في سياستنا بخصوص هذا الموضوع»، مشيراً إلى أن «كل من يساهم في الحرب ضد (داعش) له دور يلعبه، وفي بعض الأحيان أدوار». وأضاف كيربي: «سنواصل حواراتنا مع الجميع حول كيفية زيادة الضغط على هذه الجماعة (داعش)»، مشيراً إلى أن بلاده تتفهم «قلق تركيا من حزب الإتحاد الديمقراطي (PYD)، وستواصل الحوار معها في هذا الخصوص»، مشيداً بمساهمات تركيا في التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، وأن بلاده تبحث دائماً عن طرق «لتحسين شراكتها مع أنقرة في الوقت الذي يزيد التحالف فيه من جهوده لمحاربة التنظيم». وعلى أثر ذلك، استدعت الخارجية التركية، الثلاثاء، السفير الأمريكي في أنقرة، «جون باس». ونقلت وكالة الأناضول عن من مصادر دبلوماسية، أن نائب المستشار في الخارجية التركية، أوميد يالتشين، استدعى السفير باس، للتعبير عن «انزعاج أنقرة من تصريحات كيربي، المتعلقة بالحزب». وسبق أن دعا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الثلاثاء، «الدول الحليفة والصديقة لتركيا» بإعطاء قرارها بخصوص المنظمات الإرهابية، قائلاً: «هل نحن شركاء في مكافحة داعش فقط أم جميع المنظمات الإرهابية؟»، وأوضح أن بلاده قدمت للأمريكيين وحلفائها ونائب الرئيس الأمريكي جو بايدن معلومات بالوثائق عن الصلة الوثيقة بين «بي كا كا» و«الاتحاد الديمقراطي». وقال الوزير التركي: «لا يمكن مكافحة الإرهاب بهذه الطريقة، فهو حزب إرهابي مثل داعش»، مضيفاً: «داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي و«بي كا كا» جميعهم إرهابيون، إذ لا يمكن القول أن أحدهم جيد والآخر سيء، كما أن هناك بعض الأحزاب اليسارية في أوروبا تسعى لإزالة منظمة «بي كا كا» من قائمة الإرهاب وذلك بسبب تبنيهم نفس الإيديولوجية». المصدر: القدس العربي 11/2/2016م