عندما تنعقد المفاوضات وتخرج "بالباب" يأتي إليها رئيس الآلية الإفريقية ثامبو أمبيكي "بالشباك" لطرح فرصة جديدة للقاء بين الحكومة والحركات المسلحة والقوى المدنية المعارضة. وفي ذات سياق الدخول "بالشباك" خرجت الأخبار عن دعوة أرسلها أمبيكي لقعد لقاء وصفه "باللقاء التشاوري الاستراتيجي" مع الآلية الإفريقية في يومي 16 – 18 من شهر مارس المقبل بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا. إذا قرأنا شكل الدعوة التي شملت الحكومة إلى جانب الحركة الشعبية – شمال 0 وحزب الأمة القومي وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم وعلي الرغم من أن هذه الدعوة وصلت لتلك الجهات منذ الأسبوع الماضي إلا أنها ظلت طي الكتمان حتى أخرجها بالأمس الناطق باسم ملف التفاوض بالحركة مبارك اردول ملخصاً حديثاً عن مشاورات أجرتها الحركة وإنها رحبت باللقاء وأكدت حضورها لكنها وضعت الشكل الذي ستدخل به هذا اللقاء حيث يقوم على تبنيها موقفاً موحداً مع قوى نداء السودان وإنها ترتيب لاجتماع مع قوى نداء السودان قبل دخولها هذا اللقاء إلى جانب حديثها عن إنها ستجري اتصالات مع حركة الإصلاح الآن بقيادة د. غازي صلاح الدين. الحركة ختمت حديثها برسالة تطمينية بأن هذا اللقاء التشاوري الاستراتيجي ليس بديلاً للاجتماع التحضيري الذي يجب أن يضم كافة الأطراف بعيداً عن سياسات (الخيار والفقوس). (2) بقية القوى بما فيها الحكومة لم تقل إنها تلقت مثل هذه الدعوة أو حتى تحديد موقفها من أنها ستذهب لأديس أبابا أم لا إلا أن المؤشرات تقول ان هذه الأطراف ستذهب لسماع ما سيقوله امبيكي خاصة وأن آخر اللقاءات بين الأطراف تقدمت في بعض القضايا إلى جانب أن المشاورات التي أجرتها بعض الدول الغربية خاصة ألمانيا بعد وصول وفد من المركز الذي يضع استراتيجيات لكيفية التوصل لتسوية سياسية بالسودان للخرطوم ولقائه بعدد من القوى السياسية حيث طرح عليها بعض النقاط للدراسة ويبدو أن مجمل هذه التحركات مهدت بشكل كبير لدعوة أمبيكي لهذا اللقاء ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ما الذي لدى امبيكي ليقدمه هذه المرة وكيف سيخرج من سياسة شد الأطراف التي تنتهجها الأطراف المتصارعة. (3) وصف الآلية الأفريقية لهذا اللقاء ب"التشاوري" الاستراتيجي" يشير إلى أن الأطراف المدعوة ستكون عماد العملية التفاوضية التي ستركز عليها الآلية خاصة باستبعاد حركة عبد الواحد محمد نور الى جانب قوى الاجماع الوطني باعتبارها ممثلة في نداء السودان ولجنة 7+7. اما إدخال كلمة "استراتيجية" للقاء التشاوري قد يشير إلى أن هنالك خطة تريد الوساطة أن تتفق عليها هذه الأطراف وستقدمها لهم خلال هذا اللقاء ترسم خارطة عملية التسوية السياسية والسلام بالبلاد، خاصة شكل اختيار هذه المجموعة وكان الوسيط يريد أن يقول انها ممثلة لأطراف النزاع بالسودان وأطراف المعارضة المشاركة يمكن أنت جري تسوية ما وهي لديها تجربة سابقة في عقد "الصفقات" خاصة حزب الأمة والحركة الشعبية ومناوي وحركة العدل والمساواة اقتربت من إجراء تسوية خلال مفاوضات الدوحة. وإذا نجحت الوساطة في تقديم مدخل جديد لهذه العملية التفاوضية يمكن أن يحدث اتفاق ما يمكن بعدها أن تسعى لتسويقه دولياً داعماً لهذه الخطوة يجبر الأطراف غير ممثلة بالصمت او حتى الموافقة على هذا الاتفاق. (4) على الأرض لابد من طرح السؤال الصعب كيف سيجد السيد أمبيكي الوصفة السحرية التي ستجعل هذه الأطراف تقترب من الاتفاق حيث ما يزال مفاوضو الأطراف المتنازعة يتبنون مواقف متباعدة فالحكومة تريد حواراً لتفكيك حكم الإنقاذ وإقامة بديل له وبين هذا وذاك تفشل كافة الجولات السابقة وإذا كان هذا مدخل التفاوض المقبل سيصل لذات النهايات السابقة. رغم إشارة الحركة الى أن هذا اللقاء لن يكون بديلاً للقاء التحضيري الذي اشترطته القوى المعارضة للمشاركة في حوار بالداخل لكنه في الواقع قد يكون اقرب للقاء التحضيري وخاصة وأن المعلومات تقول إن الوساطة أرسلت لهذه القوى اوراقاً للتناقش حولها وتقديم رؤيتها قبل بدء اللقاء ولكن يبدو أن عبء التحالفات سيصعب من هذا اللقاء بشكل كبير ولكن قد تحمل حقيبة أمبيكي المفاجآت هذه المرة ويكون قد حان وقت التنازلات الكبرى لأطراف النزاع. نقلاً عن صحيفة السوداني 16/2/2016م