لم يمر محفلاً دولياً أو إقليمياً شارك فيه السودان ألا وترد سيرة ديونه الخارجية الملقاة علي عاتقه من قبل المجتمع الدولي.. لجهة أن الديون أصبحت تشكل عائق للحكومة وتمثل حاجز بينها والمجتمع الدولي لجهة أنها ديون واجبة السداد.. إعفاء الديون الخارجية للسودان ربطته بعض الدول بالتزام حكومة السودان بما تسميه التزامات السلام الدائم فضلاً عن إيقاف الحرب في مناطق النزاعات وغيرها. مساندة الحلفاء مع انشغال الحكومة بديونها الخارجية وقتالها الذي تمثل في الجولات التي تقوم بها وزارة الخارجية وزارة المالية لإعفائها يأتي هذا الجهد متزامناً مع جهود تقوم بها بعض المنظمات الحليفة كما هو الحال في منظمة المؤتمر الإسلامي التي جددت وطالبت بإعفاء ديون السودان الخارجية ولم تكتفي منظمة التعاون الإسلامي بدعوتها بإعفاء ديون السودان بل ذهبت لأبعد من ذلك عندما أعلنت رفضها القاطع لفرض العقوبات الاقتصادية الانفرادية المفروضة علي السودان وشددت المنظمة في بيانها الختامي بالعاصمة التركية اسطنبول أمس علي رفع فوري لهذه العقوبات والتي وصفتها بالغير مبررة وناشد البيان الدول الأعضاء والمؤسسات المالية للمنظمة، للمساهمة في تقديم جميع أشكال الدعم والمساعدة للسودان، ودعا إلي شطب اسم السودان من قائمة الولاياتالمتحدةالأمريكية للدول الداعمة للإرهاب. وعود سابقة كثير من الدول التي تطالب السودان بديون كانت قد وعدت في وقت سابق بإعفاء ديون السودان وظلت تكرر أحاديثها بشأن الإعفاء بيد أنها ربطت إعفاء الديون ببعض الاستحقاقات التي أوفت بها الحكومة كما في حال اتفاقية السلام الشامل التي أدت فيما بعد لانفصال الجنوب قبل ثلاثة سنوات وفي المقابل لا تعبر الحكومة أي اهتمام إزاء أحاديث المجتمع الدولي بإعفاء الديون وتري أن الأمر يمثل في المقام الأول عدم وفاء المجتمع الدولي بوعوده التي قطعها إبان مفاوضات نيفاشا 2005 بإعفاء السودان من ديونه في حال الوصول إلي صيغة لتحقيق السلام الشامل ولكن تلك الوعود راحت هباءً منثوراً. كرت ضغط في ظل إستمرارية بقاء ديون السودان علي حالها دون أن يحدث تأثيراً يراه البعض بأنه نوع من التكتيك يمارسه المجتمع الدولي تجاه الحكومة ويقول الدومة في حديثه ل(الأهرام اليوم) بأن المجتمع الدولي يستخدم الديون الملقاة علي عاتق الحكومة كوسيلة للضغط علي النظام الحاكم ومطالبته بتحقيق السلام في دارفور فضلاً عن مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق وذهب الدومة في حديثه إلي أن المجتمع الدولي عادة يثير الحكومة عندما يتحدث عن جدولة الديون دون الإيفاء بما يقوله. البحث عن حلول عجز الحكومة وفشلها في إحداث تطور يفضي في نهاية الأمر إلي إعفاء ديونها أو جدولتها بتواقيت زمنية معينة جعلت محللون اقتصاديون يضعون روشته يمكن أن تعين الحكومة في سعيها لإيجاد حل لمشاكل الديون الخارجية عبر طرح مبادرات جديدة حسبما ذهب أليه وزير المالية الأسبق عبد الرحيم حمدي في حديث سابق ل( الأهرام اليوم) وقال بأنه يقترح إنشاء صندوق دعم خارجي يحفظ للحكومة سعر معاملتها للديون الخارجية فقط عبر المنح التي تأتيها وبيعها لوزارة المالية لتحولها إلي مبالغ محلية أو حصرها في تسديد الديون للصناديق العربية باستخدام سعر أقل وقال بأنها من فوائد التجارب الماضية. رؤية مغايرة رؤية حمدي وحديثه عن الإستعانه بصندوق دعم خارجي لمعاملة الديون بدت غير متطابقة مع الخبير الاقتصادي عبد الهادي أحمد لجهة أن الديون الخارجية مرتبطة بالتزام الحكومة بالشروط التي تدفعها بعض الدول كما في حال بريطانيا التي اشترطت أحلال السلام في السودان ووقف ما تسميه الانتهاكات ومضي الهادي في حديثه للأهرام اليوم أن بعض الدول في وقت سابق أطلقت وعوداً بإعفاء الديون ولكنها لم تفي واصفاً تلك الوعود بالتكتيك الدبلوماسي ومحاولة جس نبض الحكومة ومعرفة مدي التزامها بالشروط وتوقع أن يستمر السجال بين الحكومة والمجتمع الدولي في مسألة الديون. الحظر الاقتصادي استمرار الديون علي السودان ارتبط مع إجراءات الحظر الاقتصادي الذي فرضته أمريكا منذ سنوات بيد أنها قبيل أشهر قليلة أعلنت الإدارة الأمريكية عن فك جزئي للعقوبات المفروضة علي السودان وشملت تلك القرارات قطاع الاتصالات والتعليم لجهة أن المتضرر الأول من ذلك هو المواطن..فحسب مراقبون أشاروا أن أمريكا متوقع منها إعلان فك الحظر علي القطاعات التي تمس المواطن من بينها الاتصالات والتعليم غير أنها تستبعد أن تتنازل عن الإجراءات التي يذهب عائدها للحكومة مباشرة.. أو أن تتجه لمطالبة بعض حلفائها بإعفاء ديونها علي السودان. نقلا عن صحيفة الأهرام 17/4/2016م